مؤسسة البريد والمواصلات مع مؤسسة الكهرباء والغاز هما المؤسستان اللتان ورثتهما الجزائر عن الاستعمار الفرنسي.. وكانتا غاية في التنظيم والعمل.. لقد حافظت هاتان المؤسستان على العمل الجاد والجيد خلال العشريات الأولى للاستقلال.. لأن يد العابثين لم تمتد إليهما بعد وكانت الكفاءة التي تركتها فرنسا في هاتين المؤسستين هي التي لها اليد الطولى في تسيير الأمور في المؤسستين. ومع انقراض جيل البريد والمواصلات المتكون في المدرسة الفرنسية والمربى على الجدية في العمل في سونلغاز والبريد سواء بواسطة الشيخوخة أو الإحالة على المعاش.. بدأت حالة البريد والكهرباء تتدهور على مستوى الخدمات.. فأصبحت الرسائل لا تصل في الوقت وعمت انقطاعات الكهرباء والغاز وساد سوء التسيير. في بداية الثمانينيات قام الرئيس الشاذلي بتعيين الوزير بشير رويس على رأس وزارة البريد والمواصلات.. واستلم الوزير وزارته وذهب فرحا مسرورا إلى المدية لإخباره بالمسؤولية الجديدة التي حصل عليها من الشاذلي.. فقال له الوالد "وما قيمة هذه الوزارة إذا كنت لا تستطيع أن تعطيني بوسطة المدية"؟! لكن في السنوات الأخيرة زادت سرعة تدهور الخدمات في البريد وفي سونلغاز... فأصبح كهرباء سونلغاز لا يصعق الناس فتموت، بل أصبح الناس يسرقون الكهرباء من سونلغاز! والمصيبة أن مسؤولي الشركة يتحدثون عن هذه السرقة التي أصبحت بمئات الملايير ويتحدثون دون خجل أو خوف من الاتهام بالتقصير؟! وفي البريد بدأ التدهور يتسارع بصورة مقلقة.. فظهرت أزمة عدم وصول الرسائل.. وأزمة الطوابع البريدية.. ثم ظهرت أزمة سرقة قباضات البريد من طرف قابضيها.. وتنافس سراق القباضات في سرقة قباضاتهم.. إلى درجة أن أحدهم أخذ "الكموسة" وذهب إلى الخارج وصرح بأنه أخذ حقه من البترول! ثم جاءت أزمة الأوراق المالية فأصبح المواطن ليس باستطاعته سحب راتبه لغياب السيولة؟! واليوم جاءت أزمة الأعطال الفنية في الحواسيب لتشل القطاع بالكامل وتعطل مصالح الناس! وإذا كانت الأزمات التي عرفتها سونلغاز والبريد وراءها فكرة الدفع إلى بيع هذه المؤسسات وخوصصتها.. فهل الأضرار التي ألحقت بالإدارة والمرافق الأخرى للدولة كانت أيضا من أجل الدفع نحو خوصصة الدولة؟! لسنا ندري.. لكن التدهور الشامل الذي عم البلاد مس أيضا البريد وسونلغاز وسكة الحديد وغيرها من المرافق التي كانت آية في العمل المتقن.