قررت الصين إعادة النظر في سياستها الخارجية ضمن مخططها الخماسي المقبل، مُعلنة التموقع في آسيا للقرب الجغرافي والاستقرار السياسي، مُديرة ظهرها للقارة الإفريقية وشمال القارة بالخصوص، بعد أن فقدت نحو 3 ملايير دولار في ليبيا، وتراجع نسبة تعاملاتها التجارية مع الجزائر ب 70 بالمئة. جاء بيان وزارة التجارة الخارجية بالصين مفاجئا هذه المرة، حيث اعتادت تقديم أرقام جد إيجابية عن استثماراتها بالقارة الإفريقية، لاسيما بالشمال لدى دول المغرب العربي بالخصوص، غير أن البيانات المقدمة مسحت كل التجارب الناجحة التي حققتها الشركات الصينية في الجزائر، ليبيا، وبدول وسط إفريقيا، إذ كشفت المعطيات عن تراجع مستوى التعاملات التجارية وتدني مستوى تدفق السلع وكذا تراجع الاستثمارات الصناعية والإنتاجية، بسبب ثورات الربيع العربي القائمة في ليبيا حاليا، ومصر وتونس سابقا، والاحتجاجات المتصاعدة في الجزائر والمغرب وبلدان أخرى. ولقد أسفرت هذه الموجة العنيفة عن خسائر تجارية تكبدتها الصين بالتتالي، إذ تعرضت للركود في تعاملاتها مع الجزائر وسجلت تراجعا تجاريا قدره 70 بالمئة، فيما فقدت نحو 3 ملايير دولار من تعاملاتها مع ليبيا، بسبب توقف موظفيها وشركاتها عن العمل هناك، وتدمير بعض أصولها أيضا، منها ما يتعلق بمصافي سينوبيك، ونسبيا تعادل هذه الخسائر نحو 46.9 بالمئة من تعاملاتها الإجمالية مع ليبيا، واستندت هذه المعطيات إلى التقارير السنوية والدورية مقارنة بسنة 2010. وتفيد المعلومات المقدمة أيضا أن الصين قررت التوجه إلى دول أكثر استقرار سياسيا وأقرب جغرافيا إليها، لتنفيذ استراتيجيتها الجديدة للاستثمار والتوسع التجاري في العالم، وذلك إثر تقييم تأثير الثورات الشعبية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على تجارتها واستثماراتها في هذه القارة التي كانت حتى الآن مختبرا مهما لاستثمارات شركاتها في الخارج. وتركّز الخطة الخماسية الجديدة التي تضع وزارة التجارة الصينية لمساتها الأخيرة الآن، على آسيا والاقتصاديات الناشئة الجديدة لتكون محورا للخروج بالاستثمارات الصينية من الأزمة، ويتم النظر إلى آسيا، وفقا لتقارير صحفية نقلت البيان، على أنها سوق ناضجة متوفرة الإمكانات وذات مخاطر سياسية أقل من نظيرتها الإفريقية.للإشارة فقد حافظت الصين بفضل تدفق السيولة الناتجة عن الصادرات على مدى سنوات طويلة من التوسع الاقتصادي، وترتيبها على رأس قائمة أكبر احتياطيات النقد الأجنبي في العالم، على ريادة السوق والتسوق وشراء السلع الأساسية والنفط والطاقة والأراضي الزراعية. وتوقعت دراسة نشرتها جمعية آسيا، بلوغ الاستثمارات الصينية المباشرة في الخارج 2 تريليون دولار بحلول العام 2020، وقد بلغ عدد الشركات الصينية العاملة في القارة الإفريقية نحو 2000 شركة بحلول نهاية 2010، باستثمار إجمالي يصل إلى 32 مليار دولار، فيما تصل استثمارات الولاياتالمتحدةالأمريكية خارجيا 300 مليار دولار.