يمكن أن نقول: "إننا في الوطن العربي نعيش موسم صيد الحكام من طرف الغرب بواسطة الشعوب"! هذه الحكاية ذكرتني بما رواه لي الرئيس علي كافي قبل أن يكون رئيسا.. وكان أمينا عاما لمنظمة المجاهدين. ورغم أنني تعلمت درسا في الصحافة سنة 1975 من الأستاذ محمد حسنين هكيل بأن "حديث المجالس أمانات"! إلا أنني أذكر هذه الرواية لدلالتها السياسية الآن.. رغم عدم موافقة صاحبها على نشرها في ذلك الوقت. فقد حدث وأن زار الرئيس الشاذلي بن جديد المغرب الشقيق واصطحب معه في تلك الزيارة بعض الوجوه الوطنية كضيوف شرف ومنهم أمين عام منظمة المجاهدين علي كافي.. وخلال الزيارة أراد المغفور له الملك الحسن الثاني إكرام ضيوف الشرف المرافقين للشاذلي في هذه الزيارة بهدية ملكية تتناسب وهواية كل ضيف شرف.. فقيل له: إن هواية علي كافي هي الصيد.. فأهدى له بندقية صيد مذهبة.. وعندما قدمها له مدير التشريفات الملكية قال له كافي ضاحكا: وهذه ماذا أفعل بها؟ فأجابه مدير التشريفات: تصطاد بها "الحلوف"! فقال له كافي ضاحكا: أي حلوف أصطاده؟! أصطاد الحلوف تاعنا أم الحلوف تاعكم؟! وفهم مدير التشريفات الدعابة السياسية هذه من كافي فقال له ضاحكا: وخَّا يا مولاي اصطد بها الحلوف تاعكم.. واعر وشرس ولا يصطاد إلا بالرصاص.. أما الحلوف تاعنا فهو حلوف أليف ووديع ولا نصطاده بالسلاح بل نصطاده بالحبل فقط! تذكرت هذه الحكاية التي رواها لي الرئيس علي كافي قبل ربع قرن تقريبا.. وتذكرت كيف كان يصطاد الرؤساء والملوك في الوطن العربي قبل ربع قرن وكيف يصطادون اليوم؟! فقد كاد الجنرال أوفقير أن يصطاد الملك الحسن الثاني وهو في الجو.. وكاد الرائد ملاح أن يصطاد بومدين أمام قصر الحكومة في عاصمة الجزائر.. واصطاد إسلامبولي الرئيس السادات في المنصة الشرفية بالعرض العسكري.. واصطاد بومعرافي الرئيس بوضياف في عنابة.. واصطاد فرقاء لبنان بشير جميل بوزنه متفجرات في بيروت..! لكن اليوم تبدلت الأحوال.. فقد اصطاد الأمريكان صدام في العراق في يوم عيد وذبح كما يذبح الخروف الوديع.. وهو الشرس الكاسر.. واصطاد اليهود عرفات بالسم وهو الثعلب الجسور.. واصطادت كلاب الصيد غير المدربة كما يجب من طرف الناتو على إحضار "الصيدة" العقيد القذافي ونهشوه وهو حي ومزقوه كما تمزق الكلاب غير المدربة على الصيد الصيدة..! وتجري الآن عمليات المطاردة في غوطة دمشق لبشار الأسد لاصطياده بتحضر! لأن معارضة سوريا متحضرة وتعلمت الحضارة في صالونات باريس وأنقرة والدوحة..! أما علي عبد الله صالح فقد كاد اليمنيون أن يشووه على رأس عود! فالطير الكاسر إذا "طاح" في يد "فحل" يصطاد به لحبارة أما إذا "طاح" في يد "جايح" ومختل يصهده على رأس ناره! وحال زين العابدين حال الصيدة الغزال التي أعطت لرجليها الريح بمجرد سماع نباح كلاب الصيد؟! أما حسني مبارك فقد اصطادوه هو وأبناءه كفيل كينيا الهرم وأحضروه في قفص ليتفرج عليه أهل كايرو كحيوان سرك عمار في عرض أسموه محاكمة! هذا هو موسم صيد الحكام في الوطن العربي.. ولسنا ندري على من سيكون الدور في حفلة الصيد القادمة؟!