المثقفون الفرنسيون وخاصة اليساريون منهم لا يجدون أي غضاضة أو حرج في انتقاد ”الحركى” ووضع وقوفهم إلى جانب من استعمر بلادهم واستعبد شعبهم واستأثر بخيرات أرضهم خيانة وخزيا وعارا لا يمحى بالقرارات والقوانين بل ويذهب بعض المثقفين اليساريين إلى عدم الثقة في من خان موطنه الأصلي و ”باع” شعبه ويقول هذا البعض متسائلا: ألا يمكن لهذا ”الحركي” أن يخون فرنسا أيضا إذا ما تعرضت لأي مكروه.. موقف كهذا يذكّرنا بقصة نابليون حين رفض مصافحة ذلك النمساوي الخائن ملقيا له كيسا من الدراهم قائلا له: هذا لك أما يدي فلا تلامس من خان وطنه، وتتمثل هذه الخيانة في أن سلّم هذا النمساوي لنابليون وجيشه كيفية احتلال النمسا بعد أن استعصت عليهم.. المواقف ”المشرفة” هذه المتجذّرة لدى الشعوب المتحضرة يدركها جيدا الرئيس اليميني نيكولا ساركوزي ويدرك الحالة النفسية للحركى وأبنائهم وأحفادهم ويدرك مدى معاناتهم اليومية إزاء النظرة الدونية للمجتمع الفرنسي تجاههم لذلك سعى إلى سنّ قانون لتجريم إهانة الحركى والمس ”بكرامتهم”.. هذه الكرامة التي أهدرها الفرنسيون أنفسهم يوم أهان أحد جنرالاتهم ذلك المجند الجزائري في صفوف الجيش الفرنسي والذي وصل إلى رتبة عقيد والذي أصبح مثلا سائرا ”العربي عربي حتى ولو كان الكولونيل بن داوود” فلم تشفع له رتبته العسكرية ولا تفانيه في خدمة فرنسا الاستعمارية ولا مزايداته في تقتيل وإبادة ”إخوانه” الجزائريين في مجرد مصافحة هذا الجنرال الذي رفض مد يده لبن داوود.. شخصيا أرى أن سنّ قانون كهذا يعد اعترافا ضمنيا من السلطات الفرنسية اليمينية منها خاصة بأن الذي يخون وطنه قد ارتكب إثما جللا ولا بد من حمايته وإعادة ”الاعتبار” له ولو على الورق.. والقانون رسالة أيضا لبعض ”إخواننا” في الجزائر الذين يدافعون عن الحركى والأقدام السوداء ويطالبون بضرورة المصالحة معهم... في انتظار رد فعل من برلمانيينا.. كل سنة.