اتهم رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم مرشح اليمين في الانتخابات الرئاسية الفرنسية نيكولا ساركوزى بالرغبة في إعادة الاعتبار لمنظمة الجيش السري الاستعمارية (OAS)، التي عارضت استقلال الجزائر بقوة، وارتكبت جرائم إرهابية في حق جزائريين أبرياء، على خلفية ذلك، من خلال تفجيراتها التي استهدفت عددا من المدن الجزائرية، بعد إعلان وقف إطلاق النار في مارس 1962. بحيث لم يسلم من أعمالها حتى رئيس الجمهورية الفرنسي الأسبق شارل ديغول، الذي كان أول من أعترف بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره. عبد العزيز بلخادم وفى حوار خص به صحيفة "لوموند" الفرنسية في عددها الصادر أول أمس الخميس، قال إن "منظمة الجيش السري، كانت منظمة إرهابية ومجموعة إجرامية على شاكلة منظمة القاعدة اليوم". وشبه المتحدث ما قامت به المنظمة الفرنسية بالأمس، بما تقوم به اليوم منظمة القاعدة، التي تجند العالم أجمع لمحاربتها. وأضاف عبد العزيز بلخادم لصحيفة "لوموند"، "نحن نحتفظ في الذاكرة بكل ما قيل في فرنسا، ولم ولن ننسى شيئا. وبالنسبة إلينا، لا يمكن الحديث عن وجه ايجابي للاستعمار"، فيما يبدو تأكيدا صريحا على رفض الجزائر لطروحات المرشح اليميني التي تصب في خانة تمجيد الماضي الاستعماري لفرنسا، على عكس مرشحة اليسار سيغولان روايال، التي وصفت الاستعمار الفرنسى للجزائر بأنه شكل "نظاما للهيمنة والنهب والاهانة". وجاء هجوم بلخادم على مرشح الرئاسيات الفرنسية نيكولا ساركوزي، بعد أقل من أسبوع من نشر صحيفة لوموند لرسالة وجهها ساركوزى إلى جمعيات الأقدام السوداء والحركى، مؤكدا من خلالها رغبته في تجاوز تقصير الحكومة الفرنسية في حق هذه الجماعات اليمينية المتطرفة، وعدم الاستغراق في "غوغائية الندم"، وأعرب ساركوزي عن أمله في "أن يتم الاعتراف بالضحايا الفرنسيين الأبرياء لحرب الاستقلال في الجزائر وخصوصا ضحايا 26 مارس 1962"، الذين سقطوا برصاص الجيش الفرنسى بينما كانوا يتظاهرون، في حادثة قيل إنها ارتكبت بتحريض من منظمة الجيش السري الإرهابية. وكان عبد العزيز بلخادم قد التقى نيكولا ساركوزى بصفته وزيرا للداخلية الفرنسية خلال الزيارة التي قادت الأخير للجزائر في نوفمبر المنصرم، وتباحثا بشأن الماضي الاستعماري لفرنسا، غير أن ساركوزي أكد يومها لبلخادم بأنه " لا يمكن مطالبة الأبناء بالاعتذار عن أخطاء آبائهم"، في رفض صريح يتماشى مع الموقف الذي دأبت عليه باريس منذ مصادقة الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) على قان 23 فبراير 2005 الممجد للاستعمار الفرنسي في شمال إفريقيا. ولم يستبعد بلخادم موافقة الجزائر على توقيع معاهدة صداقة مع فرنسا، غير أنه رهن ذلك باعتذار مسبق من فرنسا على جرائمها الاستعمارية، الأمر الذي دفع بساركوزي إلى التراجع عن رغبة فرنسا في التوقيع على هذه الاتفاقية، التي وصفها بغير الضرورية، لكنه أكد تمسكه بالصداقة الفرنسية الجزائرية. ولا يمكن اعتبار مهاجمة بلخادم لساركوزي على أنه وقوف إلى جانب مرشحة اليسار سيغولان روايال، حيث سبق له وأن أكد في منتدى التلفزيزن قبل أسبوعين ردا على سؤال في هذا الشأن بأن الاثنين بالنسبة إليه سواء. محمد مسلم:[email protected]