هل فات الأوان على وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون كي تسأل في معرض ترددها في مسألة تسليح المعارضة السورية، عن هوية الجماعات التي سيجري تسليحها؟ ذلك أن واشنطن تعلم أن هذا السؤال سيؤدي إلى شرخ في ما يطلق عليه ”أصدقاء الشعب السوري” باعتبار أن العرب بدأوا فعلاً التسليح ولا ينتظرون واشنطن، لأنهم يخوضون معركة حياة أو موت مع النظام السوري. وهذه المعركة التي يختلف ”الأصدقاء” على أسلوبها وليس على هدفها، لا يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه. ويبدو أن العرب يقلدون أمريكا الآن. إذ أن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش خاض حرب العراق من غير أن يسأل إلى ما ستقود اليه تلك الحرب، فكانت النتيجة استحضار تنظيم ”القاعدة” إلى العراق ونشوب حرب مذهبية بين السنة والشيعة وتهجير أكثر من مليون مسيحي. وعندما سلحت واشنطن الأحزاب الأفغانية المعارضة للاحتلال السوفياتي في أفغانستان في الثمانينات من القرن الماضي لم يسأل المسؤولون الأمريكيون أنفسهم إلى أين سيقود هذا الدعم. وكانت النتيجة وصول أحزاب أفغانية متشددة إلى الحكم، ومن ثم ظهور حركة ”طالبان” ومن بعدها تنظيم ”القاعدة”. العرب الآن يخوضون في سوريا تجربة أمريكا في أفغانستان. في اعتقادهم ليس مهماً من يأتي بعد النظام السوري. المهم هو إسقاط الرئيس بشار الأسد. أما ما تحذر منه كلينتون من وجود ”القاعدة” أو ”حماس” فلا يجد آذاناً صاغية لدى أنظمة عربية مصممة على تغيير الوضع الجيوسياسي لسوريا ومن ثم توجيه ضربة إلى إيران بعد أن تكون فقدت حليفاً استراتيجياً في المنطقة يؤرق تحالفه مع طهران أنظمة الخليج منذ بداية الثمانينات. أما مسألة اندلاع حرب أهلية في سوريا وانتشار تنظيم ”القاعدة” وغيره من التنظيمات الإسلامية المتشددة أو ما سيخلفه ذلك من مضاعفات على وضع الأقليات في سوريا، فهي بمثابة تفصيل في معركة الحياة أو الموت بين أنظمة الخليج وسوريا. فكما لم تسأل واشنطن عما سيؤدي إليه دعم الأحزاب الأفغانية المتشددة في أفغانستان، كذلك لا يهم الأنظمة العربية التي تقاتل سوريا ما سينشأ بعد إسقاط النظام السوري أو كم ستكلف معركة إسقاطه. هل تتجدد الحرب المذهبية بين السنة والشيعة في المنطقة كلها؟ وهل تمتد نيران الحرب السورية إلى الدول المجاورة؟ وكم ستطول هذه الحرب؟ هذه اسئلة ثانوية أمام معركة البقاء التي تخوضها الأنظمة الخليجية الآن فوق الأراضي السورية. لذا تنظر أنظمة الخليج باستغراب إلى الموقف الأمريكي المتردد من قضية دعم المعارضة السورية حتى النهاية ولو كلف ذلك غزواً من الخارج على الطريقة الليبية أو العراقية.