من المقرر أن يعلن حزب جبهة القوى الاشتراكية عن قوائمه النهائية الخاصة بالانتخابات التشريعية المقبلة في ندوة صحفية قريبا. وحسب ما رصدناه عبر بعض مناضلي الحزب، فإن التحضيرات هذه المرة للاستحقاقات لا تتشابه مع تلك التي ميزت مشاركته في تشريعيات سنة 1997، حيث استغل فيها الحزب في لعبة أكثر ما ميزها التزوير، ولا تتقاطع تحضيرات الحزب أيضا ومرحلة انسحابه المتأخر، أي قبل يوم واحد من السباق الرئاسي لسنة 1995، متبوعة بمقاطعة رئاسيات 1999، بدليل أن “الدا الحسين” أخذ هذه المرة ضمانات من السلطة بجعله رقما فاعلا في البرلمان، وأول أحزاب المعارضة في المجلس، بدليل حديث وسط الكواليس عن 30 مقعدا برلمانيا، وهو نصاب ليس صعب المنال بالنسبة إلى الأفافاس ما لم تصادر أصوات ناخبيه، فضلا عن ضمانات أخرى قدمتها الأممية الاشتراكية، التي ينتمي إليها الحزب عبر المراقبين الدوليين لضمان شفافية الاقتراع المقبل. ويظهر من خلال هذه التحضيرات الحماس على أغلبية وجوه مناضلي حزب الأفافاس بشأن الانتخابات المقبلة، من خلال الخرجات واللقاءات الجهوية للقيادة الحالية، التي يميزها الانتشار وعدم التركيز على منطقة القبائل وحدها، من خلال ضم مناطق بالجنوب كغرداية والجلفة والأغواط، وهو مشهد أزال حالة الفتور التي طبعت الحياة السياسية في الجزائر بسبب غياب معارضة قوية بوزن الأفافاس، تعيد للعمل السياسي نكهته ومصداقيته المفقودة بفعل المقاطعة المتكررة لحزب “الدا الحسين“. وتدل العديد من المؤشرات أن الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في العاشر ماي القادم، لا تتشابه وتلك التي خاضها الحزب سنة 1995، الانتخابات الرئاسية التي انسحب منها الافافاس قبل يوم فقط من إجرائها، بعد قناعته المسبقة بأن هناك ترتيبا للمترشحين. كما لا تتقاطع التحضيرات الحالية وتلك التي خاضها الحزب سنة 1997، حيث وقع في فخ التزوير الانتخابي الذي أشرف عليه الأرندي آنذاك ونال حصة الأسد في المقاعد الانتخابية للمجلس الشعبي الوطني، وهذا على الرغم من الضمانات التي أطلقتها السلطة بعد خروجها من مرحلة عسيرة المترتبة عن توقيف المسار الانتخابي سنة 1992. ومن بين ما يطبع التحضيرات الانتخابية للأفافاس، حسب ما سجلناه، هو صعود عنصر الشباب هذه المرة وتميزه بمرونة أكثر مقارنة بالعناصر النضالية القديمة، التي لديها نظرة متشددة نوعا ما بسبب معايشتها لجميع المراحل التي مر بها الحزب، أي منذ الانفتاح التعددي. فضلا عن هذا، فإن انسحاب الارسيدي من الانتخابات قوى فرص الأفافاس وضاعفها أكثر من السابق، خاصة وأن حزب عمارة بن يونس الذي يحمل صبغة جهوية متصلة بمنطقة القبائل لا يقارن من حيث رصيد مناضليه بحزب الأفافاس ولا حتى الأرسيدي. زيادة على هذا، فإن البرلمان القادم سيكون الورشة الأولى التي سيطبخ فيها القانون الأول للبلاد، أي الدستور، وسيكون الأفافاس الخاسر الأول إن تخلف عن المشاركة و الإسهام في إعداد الدستور القادم وقطع الطريق أمام الإسلاميين الذين سيكونون بدون شك قوة في البرلمان القادم، بعد أن تأكد أن عقد مؤتمر تأسيسي والعودة لنقطة الصفر من المستحيلات. أما فيما يتصل بالضمانات الخارجية التي جعلت الافافاس يتحمس لخوض غمار الانتخابات المقبلة، هو نوعية المراقبين الدوليين، الذين تربط بعضهم علاقات بالأممية الاشتراكية التي ينتمي إليها حزب “الدا الحسين”، ما يعزز ضمان شفافية المراقبة. فضلا عن هذا، يظهر تاريخ الأفافاس أنه لم يتخلف يوما عن مد يد المساعدة وإثبات حسن النوايا عندما تكون الجزائر في الأوضاع العصيبة وتحت الأنظار الدولية، ولقاء روما شاهد على ذلك، حيث شكلت الهزات التي مرت بها الأقطار العربية قناعة أخرى لمشاركة الأفافاس في الانتخابات المقبلة تزيل الشكوك عن الجزائر وتكرس انطباعا أن الانتقال الديمقراطي يجري بشكل عادي ببلادنا.