بالموازاة مع انطلاق الحملة الانتخابية للتشريعيات والتي ميزتها برودة في خطابات المترشحين شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حملة موازية استهدفت الصور والشعارات التي تحولت إلى مادة دسمة للتنكيت والسخرية، حيث تحول موقع فايس بوك خلال اليومين السابقين إلى تجمع شعبي كبير شن عبره الشباب حملة مضادة ضد المرشحين للانتخابات التشريعية شملت العبث بصورهم، واستعمال لغة تعكس اهتمامات الشارع الجزائري ومدى الوعي السياسي الذي يتميز به في وقت لم تتمكن الأحزاب التي تخوض سباق التشريعيات من استقطابها. عكست المحمولات الاجتماعية والسيميولوجية للصور الفيسبوكية ذكاء الشارع واستيعابه للرهانات السياسية للمواطن البسيط التي لم تستوعبها الأحزاب السياسية، كما اكتست الصور المرفقة روح النكتة التي يتميز بها الشارع الجزائري والتي تعد استنادا إلى علم الاجتماع المخرج الأساسي الذي يخفف على المجتمع الضغط في مثل هذه الظروف. ففي إحدى الصور المنشورة عنون الفايسبوكيون إحدى القوائم ب”حزب البطاطا والبطالة” وجاء متصدر القائمة رجل أعمال “بيراطاوه الحواس” مما يعني أن الشاب الذي وضع هذه القائمة على دراية ووعي سياسي بما يدور في الساحة من تخطيط من قبل الأحزاب التي تتخذ البرلمان طريق للثراء وشراء المقاعد بالشكارة بترشيح أناس لا علاقة لهم بالنضال السياسي، في نفس القائمة نقرا مثلا” مفقود العيد “تاجر زطلة” و”بوفجوخ الجمعي قهواجي وقطوشة علجية صحفية” وهي دلالة واضحة على رأي الشارع الجزائري في نوعية الأسماء التي تخوض سباق البرلمان. في صورة أخرى نقف على معلم اللغة الفرنسية يشرح للتلاميذ درس في الإعراب نقرا ما يلي”نحن ننتخب، أنت تنتخب “هي تنتخب هو ينتخب هم يغتنون”. وهي صورة جد واضحة وذات دلالة عميقة تعكس مدى يأس الشارع الجزائري من الطبقة السياسية المتواجدة في الساحة وحجم القطيعة والهوة الموجودة بين الشارع الشعبي والشارع السياسي. من حيث الرموز فقد جاءت صور الرسوم المتحركة ونجوم كرة القدم في المقدمة، حيث قدم حزب حماس وشعارها “انتخبونا وحاسبونا” في صورة قط يرتدي ربطة عنق، أما صورة اويحيى وبلخادم وهما الحزبان اللذان طالما استحوذا على الساحة السياسية فقد تم إسقاطها على الفريقين الغريمين “البارصا والريال” في كلاسيكو مثير ينتظر أن ينطلق في العاشر من ماي القادم ،أما باقي الأحزاب الأخرى فقد اختصرتها الصور في الرسوم المتحركة “سبونجبوب” الذي يجسد في شكل اسفنجة في إشارة إلى الأحزاب التي تبلع وتمتص مال الشعب خاصة وأنها جاءت مرفقة بتعليق بالغ الدلالة “انتخبوني باش نخلص 30 مليون”. المتصفح للصور والتعليقات المرفقة على الفايس بوك يستنتج بسهولة موقف الشارع الجزائري من الأحزاب والطبقة السياسية التي تتصدر الساحة، فإذا كانت هذه الكائنات السياسية لا تفوت أي فرصة لمغازلة الشباب والحديث باسمهم، فان هذه الفئة قد أعلنت اللعنة وتبرأت من الشارع السياسي بما فيه ومن فيه .