الشعارات التي ترفعها الأحزاب هذه الأيام لتحسيس المواطنين بدأت تخرج ببعض المفاهيم الناجعة والمنبهة للمجتمع المدني - إن تجسدت ميدانياً- وستثمر بلا شك تنميةً وحركية وانتعاشاً اجتماعياً محسوسا، ومنها مثلاً عبارة "إن خان مرشح الحزب الأمانة فسنعاقبه"، "انتخِبونا وحاسِبونا"، "سنعاقب كل مرشح لا يتحلى بالنزاهة" وتكاد تكون هذه المفاهيم وأخرى تصب في نفس الإطار منافسة شريفة من أجل اختيار الأفضل والأصلح، فلم نكن نسمع من قبل عن تشكيلة سياسية تقول بمعاقبة مرشح حزبها إن أخطا أو خان الأمانة ولم نعهد مِن قبلُ أحزاباً تنبه الناس إلى محاسبة ممثليها عند انتخابهم، بل لم نألف مَن يقول للشعب سنقوم بمعاقبة المرشحين غير النزهاء·· فهذه الظاهرة الصحية في حياة التجربة الديمقراطية الجزائرية، تبشر بالخير وتدعو إلى الإرتياح، لكن ذلك لا يكفي ولن يكون مجدياً ما لم تكن هناك مشاركة جادة للمجتمع المدني وما يقوم به من نشر الوعي وروح التحضر والمشاركة بقوة في المواعيد والاستحقاقات الوطنية· ولعل الجديد في توجهات الأحزاب هذه المرة وتركيزها على "الكفاءة، الأمانة والصلاح" إنما هو توفيرٌ لصمّامات أمانٍ حقيقية مِن كل ما يحدث من تجاوزات مستقبلاً، ومؤشر على الارتقاء بالتجربة الديمقراطية إلى المستوى المرموق، وتلك كلها بوادر خير ونضج سياسي لا يمكن إخفاؤها مهما تعالت أصوات المتشائمين والمتشرنقين·