أدت الطائفة اليهودية في تونس، على قلة عددها، إلى صدارة الأحداث بعد زيارتين منفصلتين لرئيس الجمهورية المرزوقي ورئيس الحكومة حمادي الجبالي إلى كنيس ”الغريبة” في جزيرة جربة. وأعلن رئيس الطائفة اليهودية في الجزيرة التي تقع على بعد خمس مئة كيلومتر جنوب العاصمة تونس، بيريز طرابلسي، أن ألفي يهودي سيشاركون يومي 11 و12 من الشهر المقبل في ”الحج” السنوي إلى ”الغريبة”. ويُتوقع أن تشهد الجزيرة إجراءات أمنية مشددة الشهر المقبل بإقامة حواجز تفتيش ونقل قوات شرطة من المحافظات المجاورة إلى جربة. وأعلن رئيس الحكومة التونسية في كلمة ألقاها في مؤتمر منظمة السياحة العالمية الذي عُقد الأسبوع الماضي في جربة أن حكومته ترحب بزيارة الحجيج اليهود. وألغيت السنة الماضية طقوس ”الزيارة” لأسباب أمنية في أعقاب الثورة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي الذي كان يحتفظ بعلاقات وثيقة لكنها غير معلنة مع الدولة العبرية. ويقع كنيس ”الغريبة” الذي يُعتبر أقدم معبد يهودي في القارة الافريقية، الى جوار حيين يهوديين قديمين هما ”الحارة الكبيرة” و”الحارة الصغيرة”، ولا يتجاوز عدد سكانهما الألف بعدما هاجرت أكثرية اليهود إلى فرنسا وإسرائيل بعد حرب 1967 العربية الإسرائيلية. وانطلق تقليد ”الزيارة” التي تتمثل باحتفالات تستمر يومين، بعد اتفاقات أوسلو العام 1993، واستثمرها الرئيس السابق بن علي في تحسين علاقاته مع اسرائيل والولايات المتحدة في أعقاب حرب الخليج الثانية التي أدت إلى تدهور علاقاته معهما بسبب معارضته لغزو العراق. وشكل تدفق الزوار اليهود سنويا على جربة من اسرائيل وفرنسا وإيطاليا، القناة الرئيسية للتطبيع بين النظام السابق والدولة العبرية. ويشرف وزير السياحة التونسي كل عام على احتفالات اليهود التي تستمر يومين، باعتبار ذلك إشارة إلى أن بلاده ترعى حوار الحضارات وتدعو للتسامح بين الديانات عبر دعمها إقامة هذا الاحتفال. وفي السنوات الأولى من إقرار السماح لليهود بزيارة ”الغريبة” كانت طائرات تابعة لشركة ”العال” الإسرائيلية تنقل ”الزوار” من اسرائيل إلى مطار جربة، قبل التوصل إلى اتفاق مع شركة ”كرتاغو” الخاصة التي كان يملكها بلحسن طرابلسي، الشقيق الأكبر لزوجة الرئيس المخلوع ليلى الطرابلسي، واللاجئ حاليا في كندا. ولم يتسن معرفة ما إذا كان يهود من اسرائيل سيشاركون في الطقوس السنوية هذا العام من ضمن الألفي زائر الذين أعلن الجبالي أنهم سيصلون إلى جربة، خاصة في ظل وجود حملات شعبية قوية لرفض التطبيع، وصلت إلى حد المطالبة بإدراج بند يُحرمه في مشروع الدستور الذي تناقشه حاليا الجمعية التأسيسية.