يتابع وكلاء بيع السيارات بعنابة وضواحيها، مثلهم مثل كل شرائح المجتمع الأخرى، الحملة الانتخابية الجارية للانتخابات التشريعية المقبلة، التي ستقود نوابا جدد إلى البرلمان، بعد انتهاء عهدة البرلمان السابق التي وصفوها بالكارثية على جميع الأصعدة، خاصة فيما يتعلق بتنظيم مهنة وكلاء بيع السيارات، وإلغاء القروض البنكية وارتفاع حجم الضرائب، وهي الأوضاع التي قادت أغلبهم إلى حالة الإفلاس التام وأدت إلى تسريح العشرات من الموظفين والعمال الذين كانوا يسترزقون من نشاط بيع السيارات. وقد تكبد وكلاء بيع السيارات الجديدة، بمختلف نقاط البيع الممثلة للشركات الأم للسيارات بولاية عنابة، عقب قرار الحكومة الأخير القاضي بوقف القروض البنكية لتمويل شراء السيارات بالتقسيط، خسائر كبيرة جراء الكساد الذي تعرفه آلاف السيارات التي استوردوها إلا أنهم لم يتمكنوا من تسويقها، الأمر الذي انجرت عنه أزمة مبيعات حادة، حيث تقهقرت نسب البيع إلى مستويات رهيبة، بفعل انعدام فرص اقتناء السيارات الجديدة للموظفين وعمال مختلف القطاعات، ما دفع العشرات من الوكلاء المعتمدين إلى التوقف عن ممارسة النشاط، جراء الخسائر المالية التي لحقت بهم، عقب صدور القرار الحكومي.قامت “ الفجر” بجولة استطلاعية عبر العديد من وكالات بيع السيارات بولاية عنابة، ورصدت وضعية التأزم الحقيقية التي تشهدها مختلف الوكالات. والملفت للانتباه هو أن النسبة الضئيلة من الزبائن الذين لا يزالون يترددون على وكالات بيع السيارات أصبحوا يقصدون السيارات الأسيوية ذات السعر المنخفض، والتي تتلاءم والقدرة الشرائية للمواطن الجزائري، فيما يفضل الأغلبية التوجه إلى السوق الأسبوعي للسيارات القديمة، لاقتناء سيارة وفقا للقدرة الشرائية، ما أدى في الآونة الأخيرة إلى التهاب أسعار السيارات المستعملة، بعد أن كثر الطلب عليها. من جهتهم، يهدد العديد من الوكلاء المعتمدين للسيارات بولاية عنابة، بغلق معارضم خلال الأشهر القليلة القادمة، بعد أن أضحى الاستثمار في هذه السوق غير مربح. ولتجنب حتمية الغلق، قرّر العديد من أصحاب وكالات بيع السيارات الجديدة ممن لديهم سيولة مالية كبيرة، العمل بصيغة جديدة لتدارك الأزمة الحاصلة في المبيعات، حيث اعتمد هؤلاء صيغة القرض الذاتي الذي يربط الوكالة بالزبون مباشرة دون المرور بالبنك، حيث تنص شروط هذه الصيغة، حسب شرحهم، على ضرورة دفع الزبون حوالي 60 بالمائة من المبلغ الإجمالي للسيارة، وكذا تقديمه صكوك ضمان على أن تسدد القيمة المتبقية في ظرف لا يتعدى السنة أو السنتين كأقصى تقدير، وهي الصيغة التي كانت أكثر في متناول التجار وأصحاب المهن الحرة، دون غيرهم من محدودي الدخل من الموظفين الذين فقدوا بعد قرار الحكومة إلغاء القروض على السيارات آخر فرصة لهم لشراء سيارة للعائلة.ويأمل الجميع أن تفرز الانتخابات المقبلة برلمانا جديدا يراعي مصالح الطبقة المتوسطة من الموظفين والعمال، الذين كانوا يشكلون 80 بالمئة من زبائن وكلاء بيع السيارات، الذين اعتبروا قرار الحكومة سياسيا أكثر منه اقتصادي، ذلك كون قرار منع البنوك من تمويل قروض شراء السيارات وغيرها سابقة لم تحدث أبدا في بلد آخر غير الجزائر، فالحكومات غالب لا تتدخل لفرض سياسات على البنوك الخاصة والعمومية في كيفية التصرف في أموالها، طالما أن البنوك تملك كل ضمانات استرجاع قروضها.