وصلت لجنة القراءة الخاصة بالشق السينمائي التابعة لوزارة الثقافة، إلى قراراتها النهائية فيما يخص قائمة الأفلام الموافق عليها لاحتفالات الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر. اللجنة التي ترأسها لمين مرباح ثم أحمد بجاوي، لتستقر أخيرا على موسى حداد، وصلها 158 عمل، ليقبل منها في الأخير 28 فقط. وكانت قد أعلنت وزيرة الثقافة قبل هذا أنها تحصلت فقط على نصف الميزانية المطلوبة. ومن أجل التعرف أكثر على ملف السينما اقتربنا من المسؤول الأول عن قطاع السينما في وزارة الثقافة، عبد الكريم آيت أومزيان، فكان لنا معه هذا الحوار.. من احتفالية عاصمة الثقافة العربية سنة 2007 إلى المهرجان الإفريقي وتظاهرة تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية، ما هي الإنجازات السينمائية التي حققتها الدائرة ووقفت على تجسيدها شخصيا؟ يمكننا الجزم أن كل هذه التظاهرات قدمت لنا على الأقل 200 عمل سينمائي بين الوثائقي والطويل، وهذا رقم لا يمكن أن يصل إليه الوسط السينمائي بمفرده ومن دون مساعدة الوزارة التي جعلت نصب أعينها الاهتمام بقطاع السينما، لقد عادت الحركية إلى القطاع وصارت لدينا مهرجانات سينمائية وأيام سينمائية تحرص الوزارة في كل مرة على استمراريتها، وربما قبل ذلك كان الاهتمام بالسينما منعدم تماما، وبالكاد ينجر فيلم أو فيلمان في السنة. ولكن من الناحية الضمنية، هل أنتج القطاع الذي تشرفون عليه 200 فيلم فعليا؟ قبل الخوض في ذلك، علينا أن ندرك تمام الإدراك أن الكمية هي التي ستقدم النوعية في نهاية المطاف، كما يجب أن يعرف الجميع أننا قدمنا الفرصة ولم نبخل بها على أحد. حاولنا أن نتخطى حاجز التمويل وقدمنا تمويلات كاملة ولكن من الناحية الضمنية هذا لا يمكن الحديث عليه في أربع أوخمس سنوات، ورغم ذلك هناك أفلام ذات مستوى شاركت في محافل دولية وحازت جوائز دولية، نحن على مستوانا نعرف جيدا أن الصناعة السينمائية هي الأصعب لأنها تتطلب عمل عناصر متكاملة من النص إلى التجسيد إلى الإخراج، وكل هذا ليس سهلا. مرة أخرى إذن؛ فتحت وزارة الثقافة الباب لإنجاز أقلام خاصة بالثورة الجزائرية بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال، ومرة أخرى أنتم من تشرفون على ذلك.. لماذا هذا الوفاء من قبل الوزارة؟ أعتقد أن وفاء الوزارة ليس لشخصي وإنما للسينما وحرصها في بقاء وتيرة الإنجاز على حالها ضمانا لإتمام مسيرة ما، لأن المخرج الذي يقدم فيلما ثم يختفي لا يمكن أن يخلق رصيدا كافيا يمكنه من تطوير نفسه.. وهذا ما نريد تحقيقه.. أما عن شخصي فربما لأنني أحترم الآجال على الرغم من صعوبة ذلك في السينما. كيف كانت ظروف العملية، وإلى أين وصلت؟؟ بعد أن استلمنا المشاريع البالغ عددها هذه المرة 158 مشروع سينمائي، بدأت لجنة القراءة عملها، والتي كانت متكونة من لمين مرباح وساري وعبد الحميد بورايو، ثم أحمد بجاوي الذي انتقل إلى مهام أخرى، واصلت اللجنة فيما بعد عملها برئاسة موسى حداد الذي أنهى العملية بتاريخ 30 أفريل المنصرم، حسب توصيات وزارة الثقافة التي حددت الموعد مسبقا، وبالتالي أعلنت اللجنة عن القائمة التي سنشرع في استدعائها وتقديم الموافقة لها. أمام تخوفات أصحاب المشاريع من التلاعب بأعمالهم ومن نتائج اللجنة، ماذا يمكنك القول بهذا الصدد؟ اللجنة أدت واجبها على أكمل وجه، وعمل أعضاؤها بجد من أجل تقديم الأفضل للسينما الجزائرية، وأعتقد أن اللجنة ضمت من الأسماء من هم أهل للحكم على نوعية الأعمال التي تم اختبارها، ولا مجال للشك في مصداقية نتائجها، رغم أننا متأكدون أن اللجنة ستواجه انتقادات لاذعة من طرف من لم يحالفهم الحظ، لكننا مستعدون للرد على انشغالاتهم وتساؤلاتهم مهما كانت حدتها. الأكيد أن عملكم كان أسهل هذه المرة مقارنة بالتجارب السابقة المتعلقة ب سنة 2007 عاصمة الثقافة الإسلامية، وعاصمة الثقافة الإسلامية؟ هذا أكيد، فسنة 2007 مر أمام لجنة القراءة 180 مشروع عمل سينمائي أنجز منه 80 عملا، وهذا راجع للأوضاع التي كانت سائدة وقتها، والتي عرفت تحلل المؤسسات الإنتاجية، ما خلق فرصة هامة للمنتجين والمخرجين وأدى إلى اكتشاف عديد المواهب المبدعة الشابة ودفع بها إلى الواجهة أمثال: فاتح رابية، محمد باقي، مؤنس خمار، الياس سالم صاحب عمل "مسخرة" الذي حقق أول فيلم طويل له سنة 2007. وعليه حققنا بذلك قفزة نوعية في مجال الإنتاج السينمائي الذي مر بفترة ركود طويلة فرضتها الظروف الحرجة التي مرت بها الجزائر على جميع الأصعدة، لكن الأعمال المنجزة وقتها كان منها الجيد، المتوسط والضعيف، وهذا شيء منطقي لأنه يجب أن يكون هناك تفاوت في المستوى وإلا لما وجدت الأفضلية هذا من جهة، ثم إن للخبرة دور كبير في تحديد نوعية العمل سواء على مستوى الإخراج، الإنتاج أو كتابة السيناريو، لكني أقر أن سنة 2011 تميزت بإنتاج نوعي في مجال الأشرطة الوثائقية التي حققت، حسب رأيي، أفضل العلامات. وماذا عن توقعاتكم هذه المرة، فالثورة موضوع صعب؟ الانتقاء هذه المرة كان أفضل، خاصة أن موضوع الأعمال كان محددا، وهو الأفلام الثورية التي تحتفي بإنجازات الأمة الجزائرية، ما سهل عمل اللجنة، ومنح عمليات الفرز طابعا مميزا، مع الأخذ بعين الاعتبار مقومات الإنتاج السينمائي والسمعي البصري، وهي السيناريو والإخراج والانتاج، فكل سيناريو جميل يحتاج إلى مخرج جيد حتى يبقى جميلا، وكذا منتج مقتدر يجيد الشق اللوجستيكي. عمل اللجنة لهذه المرة لم تعتمد نظام "الكوطة" لأن الفن هو الفن والكلمة كانت هذه المرة للإبداع الحقيقي إن كان على مستوى الإنتاج، الإخراج والسيناريو، لأنه ليس كل من يمتلك كاميرا يقال عنه مخرجا وبإمكانه إنجاز عمل سينمائي. ولأن الموضوع هذه المرة كان محددا، وهو الأفلام الثورية التي ترسخ إنجازات الثورة الجزائرية وتحتفي بعيد استقلال الجزائر الخمسين، على عكس التظاهرات السابقة أين كان المجال مفتوح أمام اختيارات عدة وعروض سينمائية مختلفة، لذلك لم يكن على اللجنة تقبل أي سيناريو.. لأن المسألة متعلقة بذاكرة الأمة الجزائرية وتاريخها. هل تعتقد أن المدة كافية لإنتاج هذه الأعمال في الآجال التي تتماشى واحتفال الجزائر بخمسينية استقلالها؟ هذه الاحتفالية ستمتد من 5 جويلية من السنة الجارية إلى غاية نفس اليوم من السنة القادمة، وهي مدة كافية لنشاهد فيها بعض الأعمال التي ستنجز بالمناسبة، وقد تتجاوز مدة إنجاز البعض منها سنة 2013 لكن عددها لن يكون كبيرا، وأستطيع أن أعد بذلك شخصيا.. وآخذ على عاتقي ما أقول. متى يكمن للجمهور الجزائري أن يشاهد أول عمل سينمائي منجز في إطار الاحتفاليات بالذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر؟ يمكنه مشاهدة "زبانة" مثلا، وهو عمل تم استكماله، وهناك بعض الأعمال التي ستكون جاهزة في الموعد المحدد. كيف ستكون متابعتكم لعملية إنتاج الأفلام؟ بعدما انتهت لجنة القراءة من عملها، سيأتي دور اللجنة المالية التي ستدقق في الميزانية وتضع التقديرات المالية للأعمال المختارة وتقدم حوالي 30 بالمائة من إجمالي الميزانية المطلوبة من طرف صاحب المشروع عند توقيع العقد، بعد ذلك تأتي الدفعات الأخرى، ولكن في كل مرة سنطلب من صاحب العمل تقرير نسبة الإنجاز. الملاحظ في كل مرة أن الوجوه نفسها تتكرر ونفس الأسماء تحصل على المشاريع؟ حتى أكون صادقا معك، لا يوجد لدينا مهنيين في المستوى في هذا القطاع، لا يوجد الكثير أمثال بلقاسم حجاج، حمينة، وغيرهم من الأسماء التي منحت بصمتها للعمل السينمائي الجزائري، لذا لابد من تقديم الفرصة حتى يتضح المشهد.