فاروق قسنطيني: "قرار الطرد مخالف للقانون، والقضاء الجزائري لم ينصفها" تشهد بلديات العاصمة، في الآونة الأخيرة، فوضى عارمة نتيجة إقدام أصحاب السكنات التي شيدت في العهد الاستعماري على مطالبة العائلات التي قطنت السكنات بعد الاستعمار على المطالبة بها، رغم دفع إيجارها في الوقت المحدد، ما جعل رؤساء البلديات في حيرة من أمرهم بين تجسيد قرار الطرد في حق العائلات وبين تحويلها إلى مساكن لائقة، في وقت تعاني العديد من المناطق من نقص الوعاء العقاري، وهو ما يتعلق أيضا بالعائلات القاطنة بسفارة فرنسا التي وجدت نفسها بين لحظة وضحاها، في مواجهة قرار الطرد وفي صراع دائم مع السفارة الفرنسية. أصبح قرار الطرد لدى العائلات القاطنة بسكنات العهد الاستعماري شبحا يهدد آلاف العائلات، خاصة أن 70 بالمائة من النسيج العمراني لبلديات العاصمة يرجع إلى العهد الاستعماري، ما جعلهم عرضة للطرد في العديد من المرات، هو ما حدث ببلدية القبة السنة الماضية عندما أقدمت البلدية على تنفيذ قرار الطرد في حق إحدى العائلات التي قطنت المكان منذ 50 سنة إلا أنها وجدت نفسها مهددة بالطرد من طرف مالك جزائري ادعى انه اشتراها من إحدى المعمرين. وبلدية دالي ابراهيم التي شهدت خلال الأشهر الماضية اشتباكات عنيفة بين العائلات القاطنة في المقرات التابعة لسفارة فرنسا، فالسفارة التي رغبت بعد مدة تجاوزت 20 سنة على ترحيل العائلات وتعويضهم بعائلات أخرى، رغم عدم شرعية القرار لعدم استناده لدلائل تخول لها ذلك، خاصة أن أغلبهم مازال عاملا في السفارة بعد تلقيهم القرار. عائلات بدالي ابراهيم في الشارع وأخرى تنتظر الحكم النهائي مازال سكان عين الله التابع إقليميا لبلدية دالي إبراهيم بالعاصمة، يعيشون في خوف دائم من تنفيذ قرار الطرد بحقهم، خاصة بعدما أقدمت سفارة فرنسا على تنفيذ قرارات الطرد بحق تسع عائلات مقيمة بالمكان، ودخلت في صراعات معها وصلت حد أروقة المحاكم وحكمت لصالحهم، أين أقدمت هذه الأخيرة على تنفيذ عملية الطرد بحضور القوة العمومية الأمين العام للسفارة والمحضر القضائي. واستغرب سكان حي عين الله، ببلدية دالي إبراهيم، قرار الطرد الذي وصفوه بغر القانوني لأنه لا يستند على أي أسس قانونية بسبب الاختلافات القائمة حوله، خاصة أن القرار تم بشكل عشوائي.. لأن حكم القضاء اختلف من عائلة إلى أخرى رغم تقاسمهم نفس ظروف العيش، وهو ما استغربه السكان الذين دخلوا في مشاداة عنيفة مع عناصر الأمن الذين حاولوا تهدئة الأوضاع، إلا أن غضب السكان كان أكبر.. لأنهم أدركوا بعد المعاناة التي عاشوها على مدار أشهر أنهم بصدد دخول معركة سياسية خاسرة بسبب الأطراف المشاركة فيها، والتي عجزت المصالح الولائية عن النظر في قضيتهم وترحيلهم إلى سكنات لائقة بدل حياة عدم الاستقرار التي يعيشونها في سكنات أضحت ملكية فرنسية. “الاحتلال الفرنسي” يجتاح مقرات السفارة الفرنسية أرادت السفارة الفرنسية أن تسترجع السكنات التي يقطنها عدد من الجزائريين في المقرات التابعة لها من خلال انتهاجها سياسة التحايل لإخراجهم منها، رغم دفعهم جل المستحقات وإعادة تهيئتها بأموال باهضة، كونها كانت في حالة يرثى لها عند دخولهم إليها، غير أنهم صُدموا بالقرار التعسفي الصادر عن هذه الأخيرة، الرامي إلى طردها من سكناتها دون احترام المهلة المحددة لذلك، خاصة أن جل السلطات الممثلة في المصالح المحلية والولائية عجزت عن إيجاد الحل لهم.. كون المشكل قائما مع “سفارة فرنسية”، على حد قول السكان. الوضع تحول إلى صراع مع السفارة التي انتهجت - على حد قولهم - جل الطرق لإخراجهم من سكناتهم، آخرها إرسال المحضر القضائي لتنفيذ قرار الطرد في حق بعض العائلات بصفة عشوائية على اعتبار أنهم تحصلوا على مهلة 3 أشهر، غير أن هذه الأخيرة ضربت القرار عرض الحائط وواصلت عملية الطرد التي مست إحدى العائلات القاطنة بحي “السامبوف” قبل انتهاء الموعد المحدد، أين هددت آنذاك بالانتحار، غير أن تطمينها من بعض الجهات دفعها لتشييد خيمة في انتظار ساعة الفرج - على حد قولها - لتواصل الطرد في حق العائلات الأخرى القاطنة في بوبيو، تيليملي.. الذين هم بصدد انتظار اليوم المشؤوم رغم حكم القضاء لصالح البعض منهم، إلا أنه ضرب عرض الحائط مادام المشكل مع جهة أكثر وزنا، حسبهم، ما جعل المشكل يتفاقم بين السفارة والسكان، ويشتد في بعض الأحيان إلى درجة تدخل قوات مكافحة الشغب. قالت العائلات، في حديثها، إن صراع السفارة أجبرهم على الدخول أروقة المحاكم، غير أن هذه الأخيرة حكمت لصالحها في العديد من المرات، إلى أن جاءت الدعوى التي رفعها أحد السكان القاطنين بعين الله وحكمت لصالحه، ليعاد النظر في القضية التي بعثت الأمل في أوساط السكان المهددين بالطرد ودفعتهم لتجديد احتجاجهم أمام مقرات مختلف الهيئات الممثلة في الولاية، وزارة الخارجية، وكذا الدائرة الإدارية للشراڤة علها تعيد النظر في قرار طردهم، غير أن هذه الأخيرة التزمت الصمت حيال قضيتهم رغم الوعود التي تلقوها من المصالح الولائية للنظر في قضيتهم وترحيلهم إلى سكنات لائقة، بدل حياة التهديد بالطرد التي يعيشونها منذ أشهر. سكنات الجزائرين تسيل لعاب المعمرين يبدو أن تواجد الفرنسيين في الجزائر مازال قائما رغم مرور 50 سنة على رحيلهم، غير أن الدعاوى القضائية التي رفعت في حق جزائريين قاطنين بسكنات المعمرين خير دليل على ذلك، ما جعلهم في صراع دائم مع الفرنسيين الذين عملوا على طردهم إلى الشارع دون تعويض عن سكناتهم التي مكثوا فيها سنوات بموجب قرارات صادرة عن العدالة، أجبرت العديد منهم على ترك منازلهم، وذلك بعد أن لجأ ملاكها إلى القضاء بهدف إخلاء ممتلكاتهم التي تم شراؤها من المعمّرين الفرنسيين في السنوات الأخيرة، وهي السكنات التي رفض سكانها الخروج منها، ما استدعى تدخل القوة العمومية التي أخرجتهم بالقوة، وهي الحادثة التي تكررت في نهاية 2010 وبداية 2011 بالعديد من مناطق العاصمة، وحتى بعض ولايات الشرق التي عاشت الظاهرة بقوة خلال السنة الماضية. سماسرة العقار يتاجرون في سكنات المعمرين ويربحون بها أموالا طائلة تحولت تجارة العقار إلى السكنات القديمة التي قطنها أصحابها في الخمسينيات من القرن الماضي، بموجب عقد كراء مع بعض الفرنسيين، قبل أن يقدم السماسرة على شرائها لإعادة بيعها بأثمان باهضة، غير أن أصحابها رفضوا الخروج منها على أساس أنهم أصبحوا ملاكا لهذه السكنات، خاصة بعد أن تركها أصحابها بعدالإستقلال دون محاولة منهم لمعرفة مصيرها، ما جعلهم يقتنعون أن السكنات تعود إليهم.. وفواتير الكهرباء والماء دليل على ذلك. وعرفت عدة أحياء من بلديات العاصمة حوادث مماثلة عندما أقدم بعض رجال المال على السفر إلى فرنسا لشراء سكنات من عائلات فرنسية ورفع دعوى قضائية لطردهم، أين وجدوا نفسهم بين ليلة وضحاها في الشارع دون مأوى يلجؤون إليه.. في ظل سياسة غض البصر المنتهجة من طرف الجهات المعنية. فاروق قسنطيني : “قرارات طرد العائلات القاطنة في سكنات المعمرين مخالفة لقانون أملاك الدولة” أكد رئيس الهيئة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، ل”الفجر”، أن مشكل العائلات المطرودة من سكناتها بموجب قرارات قضائية هي إشكالية واسعة الطرح، غير أن طرد العائلات من سكنات تعود للعهدة الاستعمارية بموجب قرارات قضائية هو أمر مخالف لقانون أملاك الدولة 66 الذي يمنع تنفيذ قرارات الطرد بحق العائلات القاطنة بسكنات المعمرين الذين فقدوا صفتهم بعد الاستقلال وبعد رحيل فرنسا من الجزائر، ما يفقدهم أحقيتهم في السكن وفي أي تعامل عقاري بالجزائر. وقال قسنطيني بشأن العائلات التي طردت من مقرات السفارة الفرنسية والتي هي بصدد انتظار قرار الطرد، إن السكن الوظيفي يتبع عقد العمل، فإذا كان عقد العمل فسخ قبل الطرد فهذا أمر قانوني، وفي حال تنفيذ الطرد قبل فسخ عقد العمل فهذا مخالف، وما حدث على مستوى السفارة الفرنسية أمرا غريب -حسبه - على اعتبار أنه تم وفق أطر غير قانونية، خاصة عندما يصدر الحكم من قضاة جزائرين الذين استندوا على دلائل غير منطقية، والمتعلقة بعدم امتلاك السفارة الفرنسية الأموال الكافية من أجل دفع إيجار العمال من بستاني وبواب وغيرها، لتفضل بذلك إلقاءهم في الشارع دون وجه حق، أين أقدمت السفارة بعدها على تكليف مهام تنقية الحدائق وحراسة الأبواب إلى شركات خاصة.