تحمل أجندة معظم دول "الربيع العربي" خلال هذا الشهر موجات من الاحتجاجات ضد الإخوان المتهمين في مصر باحتكار السلطة واستنساخ نموذج الحزب الوطني المحل، وفي تونس بالتزمت والسعي لإنشاء دستور إخواني، وفي سوريا بالوقوف وراء فشل "الثورة السورية"، بينما لا يزال يقف خلف انتكاسة الإخوان في ليبيا جيش من النشطاء الليبيين الذين أكدوا مواصلتهم الدفاع عن هذا المكسب الذي وصف بالتاريخي في مسيرة الدولة المدنية الليبية الناشئة التي تبحث عن عهد جديد لها بعيدا عن عباءة الزعيم الراحل معمر القذافي. في خضم فوضى السياسة والمشاكل الاقتصادية التي لا تزال تعيشها تونس، تستعد القوى المعارضة لسياسة حركة النهضة التونسية للخروج في مسيرات احتجاجية يوم 9 أوت المقبل، كما دعت بعض صفحات النشطاء التونسيين إلى جعل يوم 9 أوت يوما للعصيان المدني من أجل إسقاط الحكومة التونسية. وجاءت هذه الدعوات بعد الحملة الشرسة التي تعرضت لها مواقع وصفحات النهضة وبعض مقراتها في الجنوب التونسي بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والتهميش والإقصاء. ومع اقتراب موعد الانتخابات العامة المحددة بشهر أكتوبر المقبل، احتدمت الحرب الإعلامية، مع تخوف معارضي الفكر الإخواني أن تنجح حركة النهضة التي تسيطر على أغلبية مقاعد المجلس التأسيسي في إنتاج دستور بلون إخواني، كما نقرأ بعض الدعوات الجادة من المعارضة واليسار التونسي تحذر النهضة وتؤكد أنها سوف تقوم بتحويل يوم 9 أوت إلى نسخة جديدة من يوم 26 جانفي 1978 الذي عرف مواجهات عنيفة بين نقابة العمال والحزب الحاكم، أودى بحياة المئات من التونسيين وخلف الآلاف من الجرحى فيما عرف بيوم الخميس الأسود. ورغم الدعوات الكبيرة التي جاءت من طرف النقابيين التونسيين للخروج في مسيرات للاحتجاج ضد حركة النهضة، لم يتأكد بعد إلى أي مدى ستكون موجة الاحتجاج ذات طابع رسمي ومنظم من نقابة العمال أم أنها ستقتصر على تحركات فردية، خصوصا بعد إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل عدم تنفيذ الإضراب العام يوم 09 أوت الذي دعا إليه النشطاء وأعضاء من الاتحاد. الكهرباء والغاز.. ثورة مصر القادمة وفي غضون ذلك، لا يزال المصريون يتنفسون روح الثورة خلال أيام رمضان الذي يعيشه الشعب المصري على هاجس الانقطاع المتكرر للكهرباء والماء، بما ينذر بتفجير ثورة جديدة ضد الرئيس محمد مرسي الذي لم يمض على توليه الحكم شهر واحد، إلا أنه بحسب معارضيه أثبت خلالها تسييره لشؤون البلاد بعقلية العضو في جماعة الإخوان وليس بعقلية رئيس للجمهورية، كما يشير معارضو مرسي الذين حددوا موعد 24 أوت الجاري للخروج في مسيرات ضد ما أطلقوا عليه اسم "حكم الإخوان"، ولإعلان رفضهم لعقد مرسي للصفاقات مع المجلس العسكري الذي منحه مرسي صلاحيات جديدة في الحكومة الجديدة تزكي السلطة التشريعية التي يتمتع بها المجلس العسكري بنص الإعلان الدستوري المكمل، وهو ما أثار استياء المعارضين الذين قرروا الخروج في "مليونيات" جديدة ضد الإخوان تحت عنوان "لا لحكم المرشد"، كما أكدت على ذلك تقارير المعارضة وشباب ثورة 25 يناير الذين أكدوا أن يوم 24 أوت سيكون للثورة على الإخوان والمطالبة بحل الجماعة وإنهاء ما أسموه "حكم المرشد" واستعادة الدولة المدنية، التي تتصادم اليوم مع موجة جديدة من صعود الإخوان بعدما أعلن مرسي تشكيل الحكومة التي ضمت أغلبية من الإخوان بعدد 9 وزراء ينتمون إلى الإخوان المسلمين والأحزاب الإسلامية وضمت 8 وزراء من الحكومة السابقة، بينهم المشير حسين طنطاوي وزيرا للدفاع. كما أعلن عن تعيين الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء السابق الذي كان الإخوان يطالبون بإقالة حكومته قبل انتخابات الرئاسة مستشارا للرئيس. شهر إقصاء الإخوان في ليبيا أما الليبيون فقد اختاروا طريقة أخرى للتعبير عن رفضهم لسياسية الإخوان في هذا الشهر الذي وجه فيه الشعب صفعة إلى الإخوان المسلمين الذين خسروا الانتخابات البرلمانية في ليبيا، على عكس ما كان متوقعا، كما توضح تقارير النشطاء الليبيين عبر الأنترنت والفايس بوك الذي صنع ملحمة "الربيع العربي" في 17 فيفري، أنها تستعد اليوم للاحتفال بنكسة الإخوان في ليبيا، كما تورد صفحة "كلنا ضد الإخوان في ليبيا" التي اعتبرت شهر أوت وما حمله من مفاجأة فوز الليبراليين على الإخوان في انتخابات المؤتمر الوطني العام "البرلمان" في بلد يغلب عليها الطابع القبلي بمرجعية دينية محطة هامة في ليبيا لتغليب الفكر المدني على الأجندات الدينية وتجاوز العقلية القبلية. وأكد معارضو الفكر الإخواني في ليبيا على ضرورة مواصلة النضال ضد الفكر الإخواني حتى بعد إعلان نتائج الانتخابات، وذلك تحسبا لأي صفقات قد يعقدها الإخوان مع الميليشات المسلحة للتشويش على عمل المؤتمر الوطني العام المقرر أن يتم الإعلان عن نتائجه الأسبوع القادم، وسط موجة من التقارير التي تتحدث عن اجتماعات بين محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء الإخواني وبين قادة تجمع سرايا الثوار لعقد تحالف جديد لوضع اللبنة الأولى لأن يكون تجمع سرايا الثوار الجناح العسكري لهذا الحزب. أما في سوريا، فقد عرف شهر أوت أول صدام حقيقي بين "الجيش الحر" والمعارضة السورية السياسية، بعدما أن اتهم العقيد رياض الأسعد قائد "الجيش الحر" قيادات المعارضة في الخارج بأنهم يلهثون نحو السلطة، ويؤكد المراقبون أن أحد أهم أسباب تأخر تحقيق "الثورة السورية" لأهدافها هي الصراعات الأيديولوجية وتباين المواقف بين الإخوان والليبراليين الذين يتهمون "المجلس الوطني السوري" بأنه أصبح مجلسا يحظى بدعم قطري وتركي لبسط الطريق أمام صعود الإخوان للحكم في سوريا.