تقف مغارة سيرفنتس ببلوزداد كواحد من الشهود الحضارية والثقافية التي تعكس الثراء والعمق التاريخي لهذا البلد، غير أن هذا المعلم الذي كان من الممكن أن يكون مصدر ثروة وطريقا للتسويق السياحي للجزائر، تحول إلى مكان مهمل ترمى فيه النفايات، ويعبره بعض السكارى وقطاع الطرق. يكفي أن نعلم أن الكثير من الناس الذين يسكنون مقابل المغارة لا يعرفون القيمة التاريخية لها ولا حتى ماذا تعني. وقد كان هذا المعلم لسنوات محل تجاذب وتبادل التهم بين وزارة الثقافة والبلدية، حتى أقدمت منذ خمس سنوات، على هامش الاحتفال بالذكرى المئوية لصاحب دون كيخوت، أقدمت السفارة الإسبانية والمعهد الثقافي الإسباني بالجزائر على ترميم المغارة بمساهمة مهندسين معماريين من الجزائر وشركة بترولية إسبانية شركة “ريبسول” التي تعمل في الجزائر منذ عام 1973. وقد أحدثت الخطوة يومها الكثير من الجدل في وزارة الثقافة التي اعتبرت الأمر مساسا بسيادة المعلم الخاضع لوصايتها. تستمد المغارة أهميتها من كونها المكان الذي اختبأ فيه الكاتب الإسباني ميغيل دي سرفانتس، صاحب العمل الخالد “دون كيخوتي دي لمانشا “ بعد محاولته الهروب لثاني مرة من الأسر بعد أن ألقي عليه القبض هو وشقيقه من طرف قراصنة البحر في سبتمبر 1575، حيث سلم إلى قرصان يوناني اعتبره رهينة ثمينة قد تجلب له الكثير من المال، لأن سرفانتس كان يحمل رسائل توصية والاعتناء به من قبل حكام إسبانيا في ذلك الوقت، ما يعني أنه كان رهينة ذا قيمة. وقد حاول شقيقة تحريره من الأسر بتجهيز مركب عام 1577، لكن المحاولة فشلت وبقي بعدها سيرفنتس أسيرا بالجزائر لمدة 5 سنوات، حتى تم تحريره عام 1580 بفدية قدرت يومها ب500 اسكودوس دفع منها الرهبان 300 اسكودوس. غادر سيرفنتس الجزائر وترك بها أثرا خالدا هو المغارة التي شهدت ميلاد عمله العالمي وترك أيضا اسما كان يمكن أن يجعل الجزائر دولة لاستقطاب الثقافي ولكن..؟