بدأ العد التنازلي للدخول المدرسي ولم يفصلنا عنه إلا أياما معدودات، حيث بدأت معظم العائلات الجزائرية في تحضير للموسم الدراسي من خلال اقتنائهم للأدوات المدرسية التي باتت تعصر جيوب الأولياء، بعدما نسف بها تجار الجشع في شهر الصيام ناهيك عن أشكالها التي صارت تشبه الأسلحة البيضاء. في خرجة ميدانية إلى بعض الأسواق الأسبوعية شد انتباهنا الكميات الهائلة للأدوات المدرسية التي تنوعت بتنوع أحجامها وألوانها مصادرها دون الحديث عن ارتفاع أسعارها، التي قال عنها بعض الآباء أنها أسعار تنافسية لبعض المواد الاستهلاكية الأخرى، فيما اعتمد بعض الآباء توقيف أبنائهم وبناتهم بمجرد انتقالهم إلى السنة الأولى ثانوي، هذا هو حال البشير وعبد الله وأحمد الذين تحدثنا إليهم حيث أوقفوا بناتهم وأبنائهم بسبب الفقر، فتكاليف الأدوات المدرسية ومصروف الغداء والتنقل يساوي نصف راتبهم الشهري المتواضع. ومواصلة لجولتنا بأحد الأسواق، تحول معظم تجاره من باعة الخضر والفواكه واللحوم البيضاء والحمراء بين عشية وضحاها إلى تجار الأدوات المدرسية والمآزر، حيث كان برفقتنا الحاج “رضوان. ر” وهو من أعيان السوق باعتباره الممون الأكبر للتجار بالملابس والأحذية، فطاف بنا معظم الطاولات التي نصبها أصحابها وزينوها بالأقلام والدفاتر والمقلمات التي أخذت هي الأخرى أشكالا وألوانا لمختلف الرسومات التي تستهوي الأطفال لا سيما المتمدرسين بالطور الأول. غير أن ما لاحظناه من خلال هذه المبيعات المدرسية، أنواع مختلفة من ممحاة أقلام الرصاص التي أخذت شكل أحمر الشفاه وأنواع أخرى من أدوات تجميل العرائس، ناهيك عن المسطرات الخطيرة الشبيهة بشفرات الحلاقة. وعلى حد تعبير أحد المتسوقين فإن الأدوات الصينية التي دخلت الأسواق الجزائرية هي أسلحة بيضاء من المفترض أن تكون ضمن قائمة المحظورات. أما أسعارها فهي لهيب مفتعل فتيله من صنع الانتهازيين، إلا أنه وحسب مرافقنا فإن أعوان الرقابة لا نراهم في مثل هذه المناسبات إلا في مراكز البريد عند منتصف كل شهر، وبدلا من إخماد هذا اللهب فإنهم يصبون عليه مادة سريعة الالتهاب من نوع “ديروا رايكم في الغاشي” حسب محدثنا الحاج رضوان. أما أصحاب المآزر فقد اتخذوا من طول الشارع الرئيسي للسوق حبالا طويلة وراحوا يعلقون عليها أنواعا مختلفة من المآزر من اللونين الوردي والأزرق، إلا أن نوعية القماش وتفصيله غير مطابق للمقاييس المعمول بها لدى الخياطين المحترفين الذن تحدثنا إلى بعضهم، معتبرين في ذات السياق أن بعض الانتهازيين أغرقوا السوق بمثل هذه المآزر التي تفقد شكلها ومقاسها الحقيقي مع ثاني غسيل لها، إلا أن الأولياء ينتهجون طريق الأسعار المنخفضة التي تتناسب مع قدرتهم الشرائية.