صدر، حديثا عن منشورات دار الكتاب للطباعة والنشر والتوزيع، كتاب جديد للشاعر عبد الكريم قادري، حمل عنوان “فاصلة“. العمل الأدبي هذا الذي جاء بدعم من مديرية الثقافة لولاية الطارف، يعد تجربة حداثية بأتم معنى الكلمة، اجتهد الشاعر من خلالها على الصعيدين اللغوي والشعري كي يخلق صورة جديدة بعيدة عن النمطية التي تعود غالبية الشعراء على الوقوع فيها، ولا تجعل المتلقى يمل منها، حيث تلتحم فيها تلك الموسيقى الطافحة والمعنى العميق والاختزال اللغوي الذي اعتمد كمنهج في المجموعة، وكأن الشاعر يقول إن الشعرية لا تكمل في طول القصائد، بل في خلق المعنى في قالب مختصر. الفاصلة هي مجموعة من العتبات التي أصبحت من الأهمية بمكان، حيث تعد واحدة من أهم العلامات التي تدخل ضمن الفضاء التشكيلي للنص الأدبي.. هي العنوان الذي اختاره الشاعر عبد الكريم قادري لمجموعته، الذي يتكون من مجموعة ومضات قصيرة جدا، حاول الشاعر من خلالها تثبيت مفهوم “الاقتصاد اللغوي” في الكلمات، ليحملها ثقلا دلاليا ويلقي على عاتقها مسؤولية اختزال المعنى واحتوائه، دون أن يفسد الإيقاع والشعرية. ولقد جاءت معظم الومضات مقولبة في شعر التفعيلة، لتكون موسيقية الوقع على أذن المتلقي ، صوفية المعنى، هلامية الفهم.. إذ كانت أبرز النصوص تطرح تلك الأسئلة الأزلية حول ماهية الحياة والموت، هذه الأيقونة “الميتافيزيقية” التي وقف الشاعر بنا وفق إحداثيتي الزمان والمكان، ليرسم لنا معلما غائرا في العمق. إنها إشكاليات وجودية تبحث في كينونة الأشياء. كما جاءت النصوص مثيرة لشعرية الدهشة لما احتوته من مفارقات، كما أنها حاكت قلق المتلقي في أحيان كثيرة..”نقاء، قلق، سؤال للسؤال، تناقض، نبوءة، شرود”. يذكر أن الشاعر عبد الكريم قادري، سبق أن نشر مجموعته الشعرية الأولى سنة 2007 تحت عنوان “المرأة والأشياء”، لتكون هذه التجربة مختلفة تماما عن نظيرتها الأولى شكلا ومضمونا، ويرجع هذا إلى التجربة والنضوج والأدبي، والوعي بثقل مسؤولية أن يكون المرء شاعرا.