نفى السوسيولوجي المسرحي، أحمد حمومي، أن يكون عميد المسرح الجزائري عبد الرحمان كاكي سياسيا أو متحزّبا ضمن طيف سياسي معين، بل كان ابن المجتمع مثله مثل عامة الناس، وأكدّ على انتمائه النضالي النابع من دور المسرح الذي يعتبره بمثابة موقف سياسي ونضالي من خلال الشهادات التي سجلّها حول زرعه الروح الوطنية في أوساط الشعب. اعتبر أحمد حمومي، دكتور ومهتم بالفن الرابع، لدى استضافته أول أمس في فضاء “صدى الأقلام” الذي نظم ندوة بمسرح محي الدين بشطارزي في إطار الاحتفال بخمسينية الاستقلال، بخصوص تقديم قراءة للنص المسرحي “132 سنة” لكاكي 1962، أنّ عبد الرحمان كاكي ابن حي شعبي بمستغانم، سعى جاهدا لزرع الروح الوطنية والمواقف النضالية عند كافة أفراد المجتمع، حيث لم تكن تهمّه السياسة على الإطلاق، مضيفا أنّ “ما جاء في بعض كتاباته وأعماله عبارة عن قراءة لواقع الجزائريين آنذاك واليوم، باعتباره على دراية بكل كما يجري لأنّه ببساطة ابن بيئته”، معتبرا أنه أدى دور الفنان فوق الركح، حيث صوّر وعالج يوميات الجزائريين، كما غذى فن الخشبة بمختلف أعماله التي اقتبسها من المسرح الأوروبي لاتزال آثارها بادية إلى غاية اليوم. وفي السياق نفسه يعتقد المتحدّث حمومي أنّ كاكي يرفض أن يكون مدرسة في المسرح الجزائري، انطلاقا من رؤيته للإنسان التي يرى فيها أنّ كلّ إنسان يصنع نفسه ويبدع كيفما يشاء، مؤكدا في سياق متصل على عدم رغبته بوعي لتأسيس لغة جزائرية بات يطلق عليها “الجزائرية الثالثة”، وإنما جاءت عفوية نابعة من لغة الشارع والعائلة والثقافة الشعبية الجزائرية التي أفرزت هذه اللغة الغنية بالمفردات والمعاني المشتقة من الأمثال، الحكم، المدائح والشعر الملحون، من خلال معاشرته لأصحابها. وفي الصدد ذاته نوه السوسيولوجي أحمد حمومي أنّ الراحل لم يكن يهمل المسرح للأجنبي، وقال”كاكي قلّد وأعطانا معنى للاقتباس، كما أدخل العجائبية والغرائبية في بعض مسرحياته ونصوصه”، موضحا أنّه أحد عشاق المسرحي ستاني سلافسكي، الذي استلهم منه المسرح الملحمي بالتمثيل، واهتمامه ب”بريخت” الذي يوظف “التغريب”. حيث عمد كاكي إلى توظيف النظريتين في مختلف أعماله التي كتبها أواقتبسها. يذكر أنّ اللقاء عرف تقديم المسرحي عبد القادر كروي، قراءة لنص “132 سنة” الذي عرضت مسرحيتة سنة 1963 بحضور الرئيس الراحل احمد بن بلة والثوري الكوبي “تشي غيفارا” الذي أعجب بهذا العمل الذي يحمل إسقاطا للوضع الراهن بالجزائر سياسيا، اجتماعيا واقتصاديا.