عندما قررت المؤسسة الوطنية للتلفزيون إعادة بعث البرنامج الغنائي ألحان وشباب في عهد الصديق حمراوي حبيب شوقي، اعتقدنا أن الفكرة طيبة وما وراءها أطيب، لكن تأكد بمرور الأيام والأشهر أن النسخة القديمة كانت أجمل وأروع على كل المستويات، فهي رغم قلة الإمكانيات وانعدامها أحيانا استطاعت أن تدفع إلى الساحة الفنية مجموعة كبيرة من الفنانين الجيدين المجيدين الذين نشطوا لعشريات ومنهم من اكتسحت شهرته الآفاق وأصبح عالميا بامتياز. أما المدرسة التي عادت بإمكانيات ضخمة فظلت تمارس لعبة اكتشاف المواهب الغنائية ثم اغتيالها بوضعها على رفوف النسيان.. وبنفس الطريقة ولكن بوسائل مختلفة وقنوات متعددة، تسعى بعض فضائياتنا المستحدثة وجرائدنا القريبة من الاصفرار إلى إعادة بعث الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة ووضعها في الواجهة من خلال تكثيف الحوارات مع شيوخها المؤسسين وقادتها السابقين الذين شحذوا ذاكرتهم وأدلوا بدلائهم في الكبيرة قبل الصغيرة بشجاعتهم المعهودة ولغتهم العربية الفصيحة وبقوة طرحهم لأفكارهم وحججهم.. هذه الفضائيات والجرائد تقوم بما يشبه الحملة لإعادتنا إلى مطلع التسعينيات وبالضبط إلى لحظة توقيف المسار الانتخابي، في تناغم شبه تام بين وسائل الإعلام هذه رغم اختلاف مشاربها ومذاهبها وتباين أفكارها واتجاهاتها... لكن إذا تجاوزنا عن الأخطاء التي ارتكبت في عودة مدرسة ألحان وشباب لأننا نعد ذلك ترفيها أو عبثا فإن الرجوع بأمتنا إلى سنوات الأزمة الأولى يجب أن يتبعه مكاشفة حقيقية وصريحة بين جميع أقطابها سياسيين كانوا أو عسكريين... ويجب أن نري الأجيال الحالية حقيقة ما حدث من عدة زوايا...