كشفت رجاء مزيان، خريجة ألحان وشباب 2007، أسباب اختفائها بعد نهائي هذه الطبعة، التي تعرضت من خلالها لجملة من الإشاعات التي وصفتها ب”القاسية”، لتعود بعد عامين من الغياب عن الجمهور الذي أحبها بألبوم غنائي، كما اعتبرت الاهانة التي تتعرض لها الأغاني المأخوذة من التراث الجزائري الأصيل بعد إعادتها من طرف العديد من الفنانين ب”الجريمة” في حق الأغنية والفن الجزائريين، وتطرقت رجاء للعديد من الجوانب في هذا الحوار.. أولا مرحبا بك في جريدتنا “الشعب”، ما هي الهوايات والمواهب التي مارستها رجاء مزيان قبل “الحان وشباب”؟ قبل ألحان وشباب كنت اغني خاصة للأطفال، وأمارس المسرح، وتبقى الكشافة الإسلامية هي المساعد الكبير لي، فبفضلها شقيت طريقي في عالم الفن، حيث دخلت الكشافة وأنا في السابعة من عمري، وكانت لدي العديد من المشاركات في عدة فعاليات ثقافية على مستوى ولاية تلمسان وولايات أخرى، منها ملتقى الشعر النسوي 2006، وقد كنت اصغر المشاركات في هذه التظاهرة ببسكرة. الم تفكر رجاء في المشاركة في المسابقات التي تنظم على الفضائيات؟ لا لم أفكر في هذا قط، إلا أنني حظيت بنوع من الاهتمام خلال مراحل دراستي من طرف الأساتذة والمعلمين، حيث نعلم انه بمجرد اكتشاف موهبة في المدرسة يحاول الأستاذ أن يدفعها للاستثمار فيها على مستوى المؤسسة التعليمية، لتأتيني الفرصة سنة 2007 حيث شاركت في مسابقة الحان وشباب على مستوى ولاية تلمسان، وتمكنت من نيل المرتبة الثانية في النهائي، أما المسابقات التي تبرمجها بعض الفضائية فهي وبكل صراحة بعيدة كل البعد عن الأخلاق المميزة للأسرة الجزائرية. وكيف جاءت فكرة المشاركة في مسابقة الحان وشباب؟ كأي هاو، ينتظر الفرصة تأتيه حتى يظهر موهبته للجمهور ويرسم اسما له في الميدان الذي أحبه، فبصراحة لم أرد المشاركة في البرامج التي تعرض على الفضائيات والتي من شانها بعث المواهب ومساعدتها في شق طريقها، وهذا يعود إلى عدم تماشيها مع خصائص وعادات الأسرة الجزائرية. لأجل هذا لم يكن لدي استعداد للمشاركة في مثل هذه المسابقات، إلى أن جاءتني الفرصة هنا في الجزائر لأشارك في مسابقة الحان وشباب، التي وبكل صراحة تحترم واقع وعادات المجتمع والعائلات الجزائرية، ولحسن حظي وصلت إلى المرحلة النهائية وتمكنت من الظفر بالمرتبة الثانية. وأين اختفت رجاء بعد نهائي الطبعة الأولى من الحان وشباب؟ بعد نهائي الحان وشباب عزلت نفسي نهائيا عن المؤسسة المنظمة لهذه التظاهرة، فمؤسسة التلفزيون الجزائري حقيقة هي المنظمة للمسابقة، إلا انه ظهرت مؤسسة خاصة تتكفل وتسير أبناء مدرسة الحان وشباب في هذه الطبعة، لكن ولحسن حظي لم انتظر ما ستقدمه لي هذه المؤسسة، حيث كنت متيقنة من عدم متابعتها لهذه المواهب، وبالتالي لم افتح المجال أمام أي باب يكسر حلمي، بل اخترت شق طريقي وحدي، وجعلت من الحان وشباب وسيلة اعرف من خلالها الجمهور على صوتي وإمكاناتي في الغناء، وبالفعل اكتشفت في الأخير انه برنامج تجاري 100 في المائة مثله مثل أي برنامج من الواقع أو يمكن القول هنا شبه الواقع. ابتعدت لمدة عامين عن الأضواء وحتى وسائل الإعلام، حتى أطور مهاراتي الصوتية أكثر، وأتدارك نقاط الضعف والانتقادات التي كانت توجه لي من طرف الموسيقيين والتي كنت أسجلها لآخذ بها بعين الاعتبار في المستقبل، ودخلت ادرس الموسيقى في هذا العامين. وبعد العامين، بماذا خرجت رجاء؟ صدر لي ألبومي الأول وبالتحديد في 2010، حتى اكشف للناس وتلك الإشاعات التي تداولتها بعض الوسائل التي قالت أن رجاء مزيان اعتزلت الفن في أول طريقها وتركت حلمها، وبصراحة كلمة اعتزال ألمتني كثيرا، وكانت بالنسبة لي قاسية، وبرهنت من خلال هذا الألبوم أنني لم أكن غائبة بل كنت ابني إبداعي وموهبتي، وابتعادي عن الساحة الفنية لمدة عامين جاء من باب التخطيط وليس الاعتزال. وقد احتوى ألبومي الأول على سبع أغان متنوعة، وكانت تكريما للراحل كمال مسعودي، حيث حمل اسم احد أغاني فناني هذا المفضل “يا حسرة عليك يا دنيا”، خاصة وان هذه الأغنية بالذات تعني لي الكثير. وسيصدر لي قريبا ألبوم جديد، حيث يكون الموزع توفيق عامر من العاصمة، ويحوي أيضا أغاني من كلماتي وأخرى من كلمت نجوى، إضافة إلى ما أردت إعادته من الأغاني التي أحبها. يعني تكتبين الكلمات أيضا؟ نعم فانا اكتب النصوص منذ الصغر، فحتى ألبومي الأول ضم بعض الأغاني التي تعود كلماتها لي. غنيت مع العملاقة ماجدة الرومي في إحدى برايمات الحان وشباب أغنية جزائرية”الشمعة” للمرحوم كمال مسعودي، كيف جاء اختيار هذه الأغنية؟ ماجدة الرومي زارتنا في مدرسة الحان وشباب في فيفري 2007، واقترحوا عليها ثلاثة أسماء للغناء معها من بينها أنا، حيث غنى معها الطالبان الاثنين أغاني شرقية، فيما اقترحت أنا أداء أغنية جزائرية مع الفنانة الكبير ماجدة، لان العملاق لا يصعب عليه أداء أي نوع، فكان لي ذلك، حيث رحبت ماجدة بالفكرة وغنيت معها “الشمعة” لكمال مسعودي. ما رأيك في إعادة أغاني من التراث الجديد ولكن بإيقاع عصري، يمكن أن يفقد الأغنية السر الذي عرفت به؟ صراحة أنا مع الأصالة والمعاصرة في آن واحد، خاصة ونحن في عصر أصبح المستمع يبحث عن الأغاني التي ترفه عنه، وبالتالي لا بد من إدخال الآلات الموسيقية العصرية على الأغاني المأخوذة من تراثنا العريق، لكن دون الإخلال بها. فصراحة اليوم نجد الكثير من الأغاني التي صنعت ضجة في السبعينيات والثمانينيات مثل أغنية “حيزية” تخضع اليوم لتوزيعات لا تليق بها من موسيقى صاخبة وجاز و..، وهنا أؤكد أن هذا التصرف بالنسبة لي جريمة في حق الفن الجزائري الأصيل. بدأت رجاء في تسجيل حصة تلفزيونية، هل لنا أن نعرف نوع هذه الحصة؟ الحصة تكون حول الطبخ، وهنا اكشف لكم وعبر “الشعب” موهبة أخرى تضاف إلى مواهبي وهي “الطبخ”، حيث أنشط هذه الحصة التي ستعرض على قناة “شروق تي في “مع طباخ تلمساني، وللإشارة إن الحصة تأتي لمدة 26 دقيقة من الزمن. ما هو الموقف الذي يبقى في ذهن رجاء من بين الذكريات واللحظات التي عاشتها داخل المدرسة؟ الموقف الذي لا أنساه، يوم غنيت في البرايم الرابع، وغنيت “دار جدي”، حيث ولأول مرة تكون الأغنية المختارة لأدائها من الطابع الذي أحبه وأحس نفسي مبدعة فيه، وبالتالي أردت هنا أن ذلك للجمهور، وبعد أدائي الأغنية التي عشتها بكل جوارحي، لم استطع الوقوف ولا المشي فأحسست انه سيغمى علي. ولا أنسى الضغط الذي عشته في آخر أسبوع، حيث مرضت وعزلت عن الطالبات، ووضعت في غرفة مع الممرضات وأنا بصدد التحضير للنهائي. وماذا عن الجو الأسري الذي عاشه الطلبة داخل مدرسة الحان وشباب، هل ما تزال الاتصالات بينكم قائمة أم انتهت بانتهاء الطبعة؟ صراحة أظن أنني الوحيدة التي خرجت من تحت جناح المؤسسة الخاصة، وهنا أقول مدرسة الحان وشباب هي التي جمعتنا وكنا داخلها أسرة واحدة، لكن بمجرد إنتهاء الطبعة كل واحد يجد نفسه يبحث عن السبيل الأنسب له لشق طريقه، لتضمحل الاتصالات شيئا فشيئا. إلى أي مدى نجاح ألبومك “يا حسرة عليك يا دنيا”؟ هناك حقيقة لا يمكن إخفاؤها، نعاني في الجزائر من مشكل الإشهار والقنوات الفنية التي من شانها كشف جديد كل فنان عندنا وتزويد المشاهد بأخبار هذه الفئة، والفنان الذي يريد اعتمد على إمكانياته من أجل ذلك فلا يستطيع التكفل بها نظرا للأموال الباهضة التي تكلفها هذه الحملات الاشهارية، وبالتالي يجب أن يكون للمغني نفس كبير ويتحمل النتيجة مهما كانت، وإلا حطم موهبته وفنه. قلت انك تمارسين المسرح أيضا، فهل ما تزال رجاء موجودة في هذا الميدان؟ أكيد فانا أنشط اليوم مع جيل 2000 بتلمسان، مع الفنان القدير سمير مازوري المعروف على مستوى ولايتنا بتفانيه في عمله المسرحي، وبالمناسبة أوجه له كل تشكراتي لأنه حقيقة كان يحفزني ويدفعني للمضي قدما، وهو من نقل لي خبر قدوم قافلة الخان وشباب لولايتنا للمشاركة في مسابقتها، وأيضا يساعد الأطفال الموهوبين في عالم المسرح من خلال تكوينهم وتقديم دروس لهم في هذا النوع الفني. من هو المغني الذي تفكر أو تتمنى أن تكوّن رجاء معه “ديو”؟ “ديو” الذي أتمناه لا يمكن أن يكون، فمغني المفضل هو كمال مسعودي، لكن جاءتني فكرة، وأنا في بحث عن كيفية تجسيدها على ارض الواقع، حيث اعتمد على طريقة التركيب، فالتكنولوجيا اليوم، والحمد لله متطورة. ومن جانب آخر فيشرفني أن أقف واغني مع كل صوت جزائري شرف الأغنية والفن الجزائري بمختلف طبوعه. ألم تعترض أسرتك دخولك عالم الفن، مثلما يحصل للكثير من الفنانين؟ لا فالعقليات الجزائرية لم تعد بذلك التشدد المعروف في القديم، فوالدتي وأخوالي الذي تبنوني بعد وفاة والدي لم يكونوا ضد فكرة غنائي، خاصة وإنهم من الناس الذواقين للغناء الملتزم، وبحكم أن رجاء تؤدي وتميل إلى هذا النوع من الغناء الذي يتناول في كلماته مختلف القضايا والمواضيع الاجتماعية التي يعيشها المجتمع الجزائري، لم أجد أمامي أي قيود أو حواجز.