يجد معظم المراهقين متعتهم في خوض مغامرة على متن الدراجات النارية، لتتحول بذلك الأحياء الشعبية والطرقات السريعة إلى مضمار سباق، مهددين بذلك حياتهم، وليكون مصير أغلبهم الوفاة أوالتعرض لإصابات خطيرة تحبس أغلبهم في الفراش. هي ظاهرة سلبية جديدة باتت تغزو الأحياء الشعبية وتعرف انتشارا كبيرا في الطرقات السريعة، وأغلب من يمتلكون تلك الدراجات هم من القصر الذين يفرطون في السرعة، مقلدين أبطال أفلام ”الأكشن” ومعرضين حياتهم للخطر، معتقدين أنها وسيلة نقل ممتازة في وسط الازدحام المروري اليومي. فيما يرى آخرون أنها وسيلة للتفاخر ونوع من المغامرة. وبعد حوادث السيارات أصبحت الدراجات النارية تشكل خطرا ثانيا. مراهقون يمثلون أدوار ”الأكشن” يقلد بعض المراهقين ما يشاهدونه في أفلام ”الأكشن” فيفرضون على أسرهم اقتناء دراجة نارية يتفاخرون بها أمام غيرهم.. تلك الظاهرة التي انتشرت بكثرة لدى ميسوري الحال، كما أضحت موضة عصرية لشبان يجدون من تقليد غيرهم في الحصول على دراجة نارية شيئا من النضج والرجولة المبكرة، وهو ما يرتكبه شبان قرروا التفاخر بما اقتنوه من دراجات نارية من آخر طراز. ولا يتوقف الأمر عند ذلك فهم يقيمون مسابقات في الخفاء بساعات متأخرة من الليل، كما يقومون بحركات استعراضية بالسياقة على عجلة واحدة أو السياقة بيد واحدة، أومدّ أجسامهم في الهواء دون خوذة الحماية. وقد حدثنا أحد الشبان أنهم يعتبرون تلك الحركات نوعا من المغامرات الممتعة. إعاقات وذكريات مؤلمة تضع نقطة النهاية حوادث مؤلمة مر بها بعض الأولياء الذين لازال كثير منهم يشعرون بالندم على تقديم الدراجة كهدية لأبنائهم.. وعائلة مراد عينة من ذلك، حيث وعدت أم الضحية ابنها بشراء دراجة نارية عند حصوله على شهادة البكالوريا، وهي تشعر أنها المتسبب في موته بعد تعرضه لحادث مريع. وحسب قولها فهي تعيش حالة نفسية سيئة خاصة أنها لم تتقبل فقدان ابنها الوحيد. حادثة أخرى وقعت في أحد الطرقات السريعة بالعاصمة منذ سنتين، راحت ضحيتها شابة لا يتجاوز سنها 24 سنة كانت رفقة خطيبها على متن دراجته النارية قبل أيام من موعد زفافها، ولاتزال أجواء الحزن على وفاتها تخيم على عائلتها. ولعل من بين القصص التي حدثتنا عنها إحدى الأمهات بحرقة ومرارة، حادثة سمير، الذي لايزال حبيس الفراش إثر سقوطه من الدراجة النارية، حيث أكدت والدته أنه أراد تجربة ركوب تلك الدراجة رفقة ابن خالته وكان بصدد الذهاب لشاطئ البحر لقضاء عطلته الصيفية، غير أنه عاد إلى البيت في سيارة الإسعاف مشلولا. وحسب الأم فإنه لم يكن يمسك سائق الدراجة جيدا فسقط بسبب السرعة المفرطة. وفي ذات السياق يقول سمير: ”أشعر بالندم لركوبي الدراجة لكنني لا أستطيع إعادة حياتي كسابق عهدها، أراد قريبي تقليد مشاهد أحد أبطال ”الأكشن” لكن محاولته باءت بالسقوط، وقد أصبت بكسور خطيرة أدّت إلى إعاقتي التي كانت سببا في ضياع مستقبلي الدراسي”. الدراجة النارية وسيلة للسرقة والتجاوزات أصبحت الدراجات النارية وسيلة جيدة للهروب بعد ارتكاب التجاوزات، هو الأمر الذي رصدناه في عدد من أحياء العاصمة على غرار بلوزداد، حيث لاحظنا انتشارا كبيرا لتلك الدراجات. وما فاجأنا أن أغلب ركابها أطفال ومراهقون يتسلون بلعبة خطيرة جدا. وحسبما أكده لنا بعض سكان الحي فإن هؤلاء يستعملون الدراجات للتحرش بالفتيات المتجولات أو سرقة الأشياء الثمينة التي يقتنيها المارون أوحقائب النساء، حيث كشف لنا أحدهم أنهم يستغلون توقف السيارات في الازدحام المروري لخطف أغراضهم من النوافذ المفتوحة، بعدما فتح استخدام الدراجات النارية المجال للمجرمين لإلحاق الأذى بالمارة، ومن ثم الفرار من المحاسبة والعقاب. وهو ما أكدته لنا منيرة، وهي تروي التجربة التي مرّت بها بعد تعرضّها للاعتداء من قبل أحد الشبان كان على متن دراجة، والذي قام بخطف السلسلة الذهبية من رقبتها في لمح البصر. فتيات يغامرن ويركبن الخطر أصبح ركوب الدراجات النارية موضة جديدة تتماشى مع متطلبات العصر بالنسبة لبعض الفتيات، حيث لم يعد الجنس الخشن المحتكر الوحيد لهذا النوع من المغامرة، بل إن الفتيات أصبح لهن نصيب في ركوبها رفقة ”أصدقائهن” أو بمفردهن. وقد كان لنا حديث مع بعض سائقات الدراجات النارية، ومن بينهن فضيلة، حيث أكدت أنها لا تجد أن قيادة الدراجة مقتصر على الذكور، بل قررت تعلم سياقتها ليسهل عليها التنقل بالطرقات خلال الازدحام المروري، وحسب قولها فإنها تفضلها كثيرا عن السيارة. فتاة أخرى وجدناها تجوب شوارع باب الوادي، أخبرتنا أنها وجدت صعوبة كبيرة في إقناع أهلها ببيع سيارتها واقتناء دراجة نارية بدلا عنها، وتضيف أنها لاتزال إلى غاية اليوم تواجه نفس الإعراض من طرفهم. وإن كانت بعضهن يقدن الدراجات بدافع اختصار الوقت أولعجزهن عن اقتناء سيارات، فإن أخريات يتفاخرن بركوبها رفقة أصدقائهن معرضات حياتهن للخطر، من ضمن أكثر المشاهد التي لا تكاد تخلو منها الطرقات.