ما معنى أن يناقش المجلس التأسيسي التونسي مشروع قانون تعدد الزوجات في تونس، في عيد الاستقلال الذي رفض الحزب الحاكم الاحتفال به؟! لست أدري إن كان هذا نكاية في بورقيبة رمز الحرية والعصرنة التونسية، الذي حرر المرأة التونسية وأعطاها مكانة لم تصلها غيرها من النساء العربيات؟ أم نكاية في حرائر تونس اللواتي قدن ثورة أسقطت دكتاتورية بن علي قبل أن تسرقها منهن سمية الغنوشي ومحرزية العبيدي وغيرهما..؟ ما معنى أن يعلن سلفيو تونس بهذه المناسبة العظيمة، عظمة الرجل السابق لعصره، انضمامهم إلى ”القاعدة” الإرهابية، وتهديدهم لديمقراطيي تونس وتياراتها التقدمية بالحرب والدمار؟! هل هذه هي ديمقراطية أوباما التي صفقت لها هيلاري في مصر وليبيا، فحل الخراب؟ وهل خرجت مثقفات تونس وحرائرها في جانفي 2011 ليطالبن بضرائر لهن، أم بالمزيد من الحرية والعدالة وتحسين الظروف الاجتماعية للأسرة التونسية، للمرأة والرجل على حد السواء اللذين سحقتهما ديكتاتورية ليلى بن علي؟ أليست مسألة تعدد الزوجات نقيضا تماما لروح الديمقراطية، التي تعني أول ما تعنيه تحرير الفرد لتمكينه من المشاركة في الحياة والإبداع والتفكير والإنتاج دون قيود، ودون دوس لكرامته؟ ألم تقل لينا بن مهني التي قادت الثورة على جدار الفايس بوك في تونس، إنها لو كانت تدري أن نتيجة ثورتها هي أن يقنن تعدد الزوجات لما عرضت نفسها للرصاص والمخاطر؟ وقتها لم يعرف ثوار شارع بورقيبة سمية الغنوشي، التي رضيت بالخيانة الزوجية، لأن الثورة لم تكن وقتها تعني لها شيئا؟ هل هذا هو مطلب الثوار التوانسة والليبيين الذين سقطوا في ميادين ثورة الناتو، ليخرج عبد الجليل مصطفى مبشرا بإقرار تعدد الزوجات، وكأن انتفاضة الشعوب المقهورة، كانت على أرائك المصحات النفسية، كأنها ثورة ليبيدو وليست للمطالبة بالكرامة والحرية قبل أن تتولاها أيادي الشياطين وتحيدها عن الطريق!؟ تعدد الزوجات ليس في ثقافة الأسرة التونسية، يا سي الغنوشي الذي أنساك تآمرك على تونس وشعبها عادات حميدة كانت راسخة في تونس منذ قرون، التونسية حماها طوال قرون ما يسمى في تونس ”الصداق القيرواني” الذي جنبها مذلة الدوس على كرامتها بتعدد الزوجات، فكان الولي لا يطلب مهرا لابنته إلا الاحترام والحب وعدم أخذ زوجة ثانية، كان هذا صداق التونسية، عندما كانت نساء السعودية تهان وتمرغ كرامتهن في وحل الدسائس والنفاق؟ أمر عصي على الغنوشي وسميته الغارقين في وحل الفساد والخيانة أن يفهما هذا الموقف الحكيم الذي مارسته تونس الحداد وبورقيبة طيلة قرون، قبل أن تهب على تونس وقيروانها رياح الثورة الممسوخة التي تريد العودة بتونس إلى عصر الكهوف والأدغال؟! التعددية والحرية التي طالبت بها التونسية في شارع بورقيبة وشوارع سيدي بوزيد، هي تعددية التداول على السلطة، والحرية، حرية التعبير والعمل، وصون الكرامة، وليست حرية إطلاق العنان لليبيدو المكبوتين؟!