شهدت احتفالات يوم العلم التي جرت هذا العام، أمس، حالة استثنائية، حيث عمدت الوزارة الوصية إلى استعمال القوة العمومية لقمع الأساتذة و”اعتقال 350 منهم في اعتصام شارك فيه المئات أمام مقرها بالرويسو للمطالبة بتحسين ظروفهم المهنية التي هضمها القانون الخاص المعدل”، فحدث ما لم يكن بالحسبان، حيث لم يتوقع المحتجون أن يتعرضوا ل”الإهانة والضرب” في هذا اليوم الذي كان لابد فيه عليها أن تفتح باب الحوار وتضع حدا للإضربات التي حرمت تلاميذ 23 ولاية من تلقي الدروس منذ بداية الفصل الثالث بالجنوب والهضاب، بسبب استمرار الإضراب للأسبوع الثاني. عرف إضراب الهضاب والجنوب الذي دخل، أمس، يومه الثاني وللأسبوع الثاني، على التوالي نسبة مشاركة عرفت ارتفاعا خفيفا مقارنة باليوم الأول، وسط غضب وغليان كبير جراء ”صمت” السلطات العليا حيال إضرابهم، لتواصل 5 نقابات في التربية والصحة والتعليم العالي والإدارة العمومية شل 75.26 % من مؤسسات الوظيف العمومي، وذلك في مختلف القطاعات المشاركة من تربية بجميع أطوارها، الصحة، التعليم العالي، أعوان الإدارة العمومية والأسلاك المشتركة. ويأتي هذا وفق ما نقله المنسق الوطني ل”السناباست”، مزيان مريان، أمام” حالة القلق التي أصابت المضربين وشعورهم بالاستخفاف، التهميش والحڤرة المسلطة والمنتهجة من طرف الحكومة، ولا مبالاتها لا بإضراب الموظفين ولا بمصالح المواطنين المعطلة، وكذا عدم اكتراثها بمصير الطلبة والتلاميذ الذين لم يتلق الكثير منهم أي درس خلال هذا الفصل الثالث”، محذرا من ”وضعية الاحتقان هذه والمتزايدة يوم بعد يوم التي تنذر بتصعيد خطير قد يحدث خلال الأيام القادمة وهذا ما لمسناه لدى أغلبية المضربين في الولايات المعنيّة، فناقوس الخطر قد دُق وما على السلطات العمومية إلا تدارك موقفها وذلك بالاستجابة الفورية والموثقة لمطلبنا قبل تفاقم الأوضاع”. وبالعاصمة فلم تكن الأوضاع أحسن حال، بل كانت أكثر حدة بسبب الاعتصام الذي شنته النقابة الوطنية لعمال التربية أمام مقر الوزارة الوصية بالرويسو، والذي قابله مسؤولو الوزارة، في يوم عيد العلم ب”الاعتقالات، المضايقات، الضرب المبرح والزج بالإطارات النقابية داخل مراكز الشرطة”، وهو الذي استنكره الأمين العام للنقابة بوجناح عبد الكريم بشدة في تصريح ل”الفجر”، وهو الذي كان وسط الموقوفين المتجاوز عددهم على حد قوله ”350 أستاذ موقوف، من أصل قرابة 3 آلاف أستاذ تمت تفرقتهم ومنعهم للوصول إلى مقر الوزارة”، مضيفا أنه ”تم نقل أستاذ إلى المستشفى بسبب تعرضه لجروح جراء هذا الضرب”. وعلق بوجناح على تصرف الوزارة في يوم العلم بالذات، قائلا ”جزاء المعلم هو الضرب هذه هي الهدية”، مغتنما الفرصة ليحذر الوزارة من تصرفاتها والتي سترغمهم على التصعيد في الاحتجاج لإنصاف عمال قطاع التربية المتضررين من نتائج تعديل القانون الخاص لعمال التربية. ويأتي اعتصام ”الاسنتيو” في الوقت الذي شلت الدراسة في 80 بالمائة من المدارس عبر الوطن، استجابة للإضراب الوطني الذي رافق احتجاج العاصمة وفق ما نقلته النقابة التي تمسكت بجميع مطالبها على رأسها ”فتح ملف القانون الخاص لعمال التربية للتعديل بما يحقق العدل والمساواة واستبعاد كل من أسهم في التلاعب بفقراته وإحداث فجوات بين الرتب والأسلاك، والتكفل الأنسب بانشغالات العمال المهنيين والأسلاك المشتركة بما يحفظ كرامتهم وتسوية الملفات العالقة وفي مقدمتها ملف موظفي الجنوب الكبير وبخاصة ملفي منحة الجنوب والسكن الوظيفي واحتساب الخبرة المهنية، تحيين المنح والعلاوات وفق الرواتب الرئيسة الجديدة بأثر رجعي وتسوية وضعية المساعدين التربويين، المستشارين، النظار والمقتصدين”. من جهة أخرى، تواصل لليوم الثاني إضراب ”الكناباست” في الثانويات، المتوسطات والابتدائيات بالتحاق بعض الولايات بالإضراب بنسبة استجابة بلغت 88 بالمائة،35 بالمائة و25 بالمائة على الترتيب، وكذا الإضراب الذي دعت اليه ”الانباف” إما بالجنوب أو بالنسبة لإضراب النظار الذي فاق نسبة المشاركة 75 بالمائة، بما فيه إضراب موظفي المصالح الاقتصادية الذي لقي استجابة قوية في معظم ولايات الوطن، تعبيرا منهم عن رفضهم ”للقانون الأساسي رقم 08/315 المعدل والمتمم بالمرسوم 12/240، إضافة إلى حرمانهم من منحتي البيداغوجيا والصندوق مما جعل أسلاكا لهم نفس تصنيفهم يتقاضون مرتبات أكثر منهم ب 9000 دج شهريا”، في انتظار التصعيد اليوم أكثر من خلال شن ”الانباف” إضرابا وطنيا بكامل أرجاء الوطن ترافقه اعتصامات واحتجاجات.