كوجال مطالبة بدفع %10 غرامة قبل مغادرة الجزائر مرت يوم 15 ماي المنصرم مهلة 40 شهرا جديدة على الآجال النهائية لتسليم مشروع الطريق السيار شرق - غرب التي حددتها الحكومة ب40 شهرا عند المصادقة عليه من طرف اللجنة الوطنية للصفقات العمومية سنة 2006، حيث كان من المفروض أن يتم تسليم مشروع القرن منتصف جانفي 2010، وتحول بذلك ملف الطريق السيار إلى محل جدل وانتقاد، خاصة بعد إثارة فضيحة الشركة اليابانية كوجال مؤخرا على مستوى المقطع الرابط بين قسنطينةوسكيكدة، بعد أن تحدثت بعض الأطراف عن استحالة تجسيده عقب 6 سنوات و6 أشهر من اطلاق المشروع . دراسات تقييمية فاشلة كبدت الحكومة مليون أورو إضافية تأخر دام 40 شهرا والتسليم مؤجل لإشعار آخر ! لا يزال مشروع القرن يراوح مكانه بعد مضي أزيد من 40 شهرا على الموعد المقرر لاستلامه، والذي تحدد في وقت سابق منتصف شهر جانفي من عام 2010، على أن يدخل حيز الخدمة شهر أفريل من ذات السنة، بالرغم من السياسة التي انتهجتها الحكومة بعهدتيها السابقة والراهنة، في صدارتها سد الاحتياجات المالية ومتطلبات الطريق “مشروع القرن”. وقدرت الميزانية التي رصدتها الحكومة عام 2005 بقيمة 11 مليار دولار خاصة بإنجاز مشروع الطريق السيار شرق - غرب المندرج ضمن مخططات مشاريع الرئيس الخماسية، بعدما صادقت عليها اللجنة الوطنية للصفقات العمومية، والتي حددت مدة 40 شهرا لإنجاز البرنامج، على أن يكون تاريخ جوان 2011 موعدا لتسليمه بعد تاريخ 17 جانفي 2010. واستنادا لما تضمنته البطاقة الفنية التي تشدد اعتماد معايير حديثة ودولية لإنجاز المشروع الممتد على طول 1700 كلم، بالنظر للغلاف المالي الذي تم تخصيصه وقدر ب8 مليون أورو للكيلومتر الواحد، 1300 كلم منها خصت لإنجاز 400 محول وطرق اجتنابية، زيادة إلى 100 جسر عملاق و700 جسر لربط المحاور الرئيسية بين الولايات، إضافة إلى 400 منشأة فنية، 17 نفقا و350 محطة راحة. وبالنظر إلى جملة الأسباب التي كانت وراء تسجيل تضارب في مواعيد تسليم المشروع ونسب تقدمه، في صدارتها تأخر عقود الإنجاز الموقّعة بتاريخ سبتمبر 2006 مع المجمّع الياباني “كوجال”، والصيني “سيتيك سي أر سي سي”، بعدما اعتمدت وكالة الطرق السيارة عدم الإعلان عن مناقصة دولية أو وطنية، زيادة إلى غياب المكاتب الولائية لمراقبة ومتابعة الأشغال والنوعية من جهة، واستنجاد الوزارة الوصية بمكتب دراسات إيطالي بعدما أبدى مجمع “كوجال” قلة خبرته في إنجاز عدد من المنشآت على غرار الممرات والأنفاق. وفي موضوع ذي صلة، حملت سلسلة التأخرات في إنجاز مشروع السيار الصندوق الوطني للتجهيز من أجل التنمية “كناد”، ميزانية تكميلية تحددت قيمتها ب 1 مليون أورو إضافة للغلاف الإجمالي والتي خصت أساسا جل المتطلبات التي أفرزتها دراسات إعادة التقييم، من إدماج مشاريع جديدة على غرار تحديث عدد من الأنفاق وإقامة جسور جديدة ضمن المشروع الرئيسي من جهة، وإدخال مواد وتجهيزات جديدة تتماشى ومتطلبات الدراسات الحديثة. ياسمين صغير حديث عن تجاوزات وصفقات تحت الطاولة وتسرع في الإنجاز دون محاكمات مشروع القرن “يتمرغ” في الفضائح.. في انتظار الحساب! عرف الطريق السيار شرق - غرب عدة “نقاط سوداء” منذ الشروع في إنجازه، وهو ما جعله محل شبهة “الفساد”، التي بدأت تطفو إلى السطح منذ سنوات في مقدمتها ما تم الترويج له بشأن “الأساليب الملتوية” لافتكاك الشركات الأجنبية مشاريع تعبيد وتشييد الجسور وإنجاز المقاطع. وانفجرت أول فضيحة تداولتها الصحف الوطنية والدولية سنة 2010، عندما قام المدير العام لمقاطعة الأشغال الحديثة بالوكالة الوطنية للطرق السريعة برفع دعوى قضائية يتهم فيها وزير الأشغال العمومية بتورطه في فضائح فساد، ومن جهته دافع الوزير عن قانونية صفقات الطريق السيار التي فازت بها الشركات الصينية واليابانية على حساب الشركات الأمريكية والفرنسية. لترتفع بعد ذلك أصوات الخبراء الرافضين لعمل الشركات الصينية بالنظر لمسارها السيئ وأهم الفضائح التي لحقت بها والتي تتعلق بالرشوة وفضائح انهيار الطرقات والجسور التي شهدتها أغلب المشاريع التي أنجزتها في مختلف بلدان العالم. وكثر الحديث عن فضيحة الطريق السيار بعد الملفات التي تمت إثارتها في الجزائر في الآونة الأخيرة، على غرار قضية الخليفة ومسلسل فضائح “سوناطراك”، وتم التحقيق في القضية على مستوى محكمة سيدي امحمد، حيث تم الاستماع إلى ممثلي عدة شركات أجنبية أشرفت على المشروع، من بينها شركتان إحداهما يابانية والأخرى صينية. وتورط في القضية العديد من المسؤولين على غرار الأمين العام لوزارة الأشغال العمومية ورجل أعمال مدير البرنامج الجديد للطريق السيار ومدير التخطيط بوزارة النقل، وواجه المتورطون تهما تتعلق بإبرام صفقات مخالفة للتشريع وتبديد المال العام، ومنح امتيازات غير مبررة في إطار الصفقات العمومية والرشوة واستغلال النفوذ، وتم الإفراج المؤقت عن عدد منهم. وامتدت فضائح الطريق السيار أبعد من ذلك لتبلغ التحكيم الدولي، بعد أن أودعت شركة الأشغال العمومية الإسبانية “يتسيرو مينوخا” المتواجد مقرها بمدينة فالنسيا الإسبانية شكوى لدى محكمة دولية ضد الحكومة الجزائرية بتهمة عدم تسديد مستحقاتها التي تعادل 500 مليار دينار، مشيرة إلى أنها قامت بعدة مشاريع في الطريق السيار خلال الفترة الممتدة بين 2009 و2011 دون أن تتلقى مستحقاتها. وحسب الشكوى التي تقدمت بها الشركة الإسبانية، فإن سبب خلافها مع الجزائر هو صراعات داخلية بين إطارات بوزارة الأشغال العمومية ومسؤولين بالشركة الإسبانية. وبخصوص العيوب التقنية التي انتقدها الخبراء وتضمنها مشروع القرن، تعرضت عدة مقاطع من الطريق السيار إلى الانهيار، منها الشطر الرابط بين البويرة والقادرية بالقرب من الأخضرية، حيث وقعت العديد من الحوادث في هذا الشطر، ونجد الانزلاقات التي تسببت في الكثير من الأضرار على الطريق. وأرجع الخبراء سبب ذلك إلى أن الأشغال انطلقت دون دراسة معمقة للأرضية، وتمت في وقت قياسي، حيث لم تؤخذ بعين الاعتبار وضعية التربة التي تتميز بالهشاشة، إذ ما لبثت أن خلصت الأشغال حتى انهار جزء منه، إضافة إلى ذلك ضعف الإنارة في نفقي بوزڤزة والأشغال الجارية لتحديث وتهيئة الشطر، حيث أنه تم تدشين الطريق السنة الفارطة لأسباب سياسية تمثلت في الانتخابات التشريعية، لكن إلى غاية اليوم ما تزال الأشغال مستمرة لتركيب كاميرات المراقبة والمصابيح. ومن جهته تعرض جزء من الطريق إلى الانهيار على مستوى ولاية عين الدفلى، وهذا ما يدفع إلى إعادة تهيئة الطريق مرة أخرى ومصاريف مضاعفة. سارة نوي تعادل 10 بالمائة من تكلفة المشروع الشركات الصينية واليابانية مطالبة بدفع غرامات التأخر قبل مغادرة الجزائر حملت الجمعية الوطنية للمقاولين الجزائريين الشركات اليابانية والصينية المكلفة بإنجاز الطريق السيار شرق - غرب مسؤولية تأخره، وطالبت الحكومة بفرض عقوبات صارمة ضد الأجانب المتسببين في تعطل المشروع، مؤكدة أن الشركات الصينية “تنجز المقاطع الموكلة إليها بعيوب تقنية وتأخذ مستحقاتها وتنسحب من السوق قبل أن تكتشف الحكومة هذه العيوب”، في الوقت الذي تضطر هذه الأخيرة إلى دفع مبالغ مضاعفة لتسوية النقائص. واعتبرت الجمعية أن سبب تأخر مشروع القرن لأزيد من 40 شهرا هو تماطل الشركات الأجنبية وعدم التزامها بما تنص عليه العقود الموقعة مع الحكومة الجزائرية، وهو ما يتطلب ضرورة دفع غرامات التأخر التي تنص عليها النصوص التشريعية والتي تقدر عادة ب10 بالمائة من تكلفة العقد، بسبب إخلال أحد الطرفين بالمواد المتفق عليها ودفتر الشروط، بما فيها الشركة اليابانية “كوجال” التي تأخرت في تسليم المقطع الأخير العالق من مشروع القرن. وتساءلت الجمعية الوطنية للمقاولين الجزائريين على لسان رئيسها مولود خلوفي عن سبب عدم محاسبة الشركات الأجنبية المتورطة في فضائح مشروع القرن، وعدم إلزامها بدفع غرامات التأخر، مثلما ينص عليه القانون، قائلة أن هذه الأخيرة ستكون مضطرة لدفع مئات ملايين الدولارات، وهي المبالغ التي ستضخ كميزانية تكميلية للمشروع. ولحد الساعة لم يتم تحديد تاريخ جديد لتسليم المشروع، إلا أن مصادر من وزارة الأشغال العمومية قالت في تصريح ل”الفجر” أن المشكل الذي كان عالقا بين الحكومة وشركة “كوجال” اليابانية، فيما يخص الشطر الذي يربط بين سكيكدةوقسنطينة، تمت تسويته ومن المنتظر أن يتم تسليم المشروع في أسرع وقت ممكن، حيث أن الطريق السيار شرق - غرب سيكون كاملا بنسبة مائة بالمائة قبل نهاية الثلاثي الثالث لسنة 2013. وفي سياق منفصل، كذبت مصادر من القطاع الخبر وقالت أن تجسيد الشطر الرابط بين سكيكدةوقسنطينة مستحيل بسبب طبيعة المنطقة وتضاريسها ودراسات خاطئة للمشروع، حيث “يستحيل تجسيد النفق على مستوى المنطقة المحددة له، وهو ما يوحي بأن مشروع القرن لن يسلم أبدا”. إيمان كيموش
الصفقات المشبوهة سبب عيوب الإنجاز ومضاعفة التكاليف، خبراء يتساءلون “ما هي الإغراءات المقدمة من طرف الشركات الصينية؟” ربط الخبير في الشؤون الاقتصادية، فارس مسدور، سلسلة “الفضائح” التي تعصف بما أُطلق عليه مشروع القرن، وهو الطريق السيّار شرق - غرب، بطريقة افتكاك الشركات الصينية المنجزة للمشروع للصفقة، باعتبارها خطوة أولى رسمت معالم هذه المنشأة التي يفترض أن يتعدى تأثيرها قطاع الأشغال العمومية. وتساءل المتحدث في اتصال مع “الفجر” عن العروض المقدمة من طرف الشركات الصينية، جعلتها تتقدم من خلالها على المؤسسات الألمانية والكندية المشهورة في مجال صناعة الطرق والمنشآت القاعدية الكبرى، قبل أن يضيف بأن القانون في هاتين الدولتين يلزم شركات الأشغال العمومية على التصريح بكل الإجراءات ومراجعة ما تم إنجازه كل 5 سنوات تحت وطأة التعرض للجزاء القانوني، وهو المبدأ، يضيف، الذي لا تعمل به الصين. وقال فارس مسدور أن المشروع الذي لا يزال “تحت فترة الضمان” قد ظهرت فيه العديد من العيوب التي قد تكون ، لا قدر الله، قاتلة من منطلق طبيعة استعمال هذا المشروع كطريق للسيارات، مشيرا إلى أن بعض الأشطر منه على غرار الجزء الرابط بين بني مراد وبودمدفع قد تمت إعادة إنجازه للمرة الرابعة منذ انطلاق المشروع، بالإضافة إلى شطر الطريق في منطقة الأخضرية الذي لم يصمد إلا لبضعة أشهر أمام المناخ لينهار تحت “قطرات من المطر”، ناهيك عن قضايا تضخيم الفواتير التي تتحملها الخزينة العمومية، إذ المشروع الذي حدد له في البداية غلاف مالي لا يتجاوز 5 مليار دولار استهلك قبل تسليمه ما يفوق 20 مليار دولار. ولم يخف المتحدث قلقه ومخاوفه من احتمال حدوث كوارث في حالة انهيار الجسور أو الأنفاق جراء كوارث طبيعية كالزلازل، على اعتبار أنها قد تحوي هي الأخرى عيوبا في الإنجاز، كما هو الشأن لحالة الطرقات، في حين شدد على أن الجزائر ومختلف القطاعات الاقتصادية بالدرجة الأولى بحاجة إلى مؤسسات قوية تسهر على فرض احترام القانون وليس، على حد تعبير، إلى لجان بعيدة كل البعد عن دور المراقبة. من جهته، اعتبر المحامي عز الدين سماحي أن الخلل في عدم احترام المؤسسات المنجزة لمشروع الطريق السيار من الجودة والآجال على السواء يرجع إلى بنود العقد الموقع من طرف المؤسسة من جهة والسلطات العمومية الوصية، من منطلق أن العقد يفرض متابعة السلطات ممثلة في وزارة الأشغال العمومية بشكل خاص لأطوار الإنجاز مرحلة عقب مرحلة، وهو الدور الذي من المفروض أن تقوم به لجان المراقبة والمتابعة، وليس الانتظار إلى حين حدوث الخلل واكتشاف العيوب.