هي ملكة المسلمين وصاحبة الستر الرفيع شجرة الدر زوجة الملك نجم الدين أيوب، ووالدة السلطان “خليل” والتي كانت لها علاقة مميزة مع ولدها، حيث دخلت إلى السجن معه عندما سجن بقلعة الكرك بفلسطين، ورافقته إلى القاهرة حين أصبح سلطانا في عهد المماليك. وفي تاريخ هذه الملكة حادثة مهمة سجلها لها التاريخ، وهي التي وقعت في عهد السلطان الصالح نجم الدين أيوب أثناء هجوم الصلبين عليها سنة 1249 من قبل ملك فرنسا لويس التاسع، في هذه الأثناء كان السلطان مريضا، وظن الجنود أنه قد مات فلم يدافعوا عن دمياط التي سقطت بعد انسحابهم، وعليه حزن السلطان كثيرا على دمياط وأعدم الجند الذين لم يدافعوا عنها ثم انتقل بنفسه مع الجيش للدفاع عن المنصورة، وهناك التف كل أبناء المدينة في المقاومة، غير أن السلطان مات بالفعل، وهنا أدركت شجرة الدر أن إعلان وفاة السلطان في هذا الوقت قد يؤدي إلى مشاكل وفوضى، فقررت التكتم وإخفاء خبر موته عن الرعية، فطلبت من طبيبه تغسيله ومن الجنود المخلصين لها بنقل جثمانه إلى القاهرة سراً، وبهذا ظلت الأمور طبيعية، وكأن السلطان على قيد الحياة، يصله طعامه، ومواعيد طبيبه، وحتى توقيعه قلده خادم يسمى “صواب السهيلي” ولم ينتبه أحد من الذين وصلتهم المراسيم السلطانية، وبهذا قامت شجرة الدر بمواصلة الدفاع عن المنصورة، وإلهاب الحماس لدى شعبها من أجل المقاومة.. وبالفعل كان لها ما أرادت وتم صد العدو الصليبي، وبعد ذلك أي بعد شهرين من وفاته أشاعت شجرة الدر خبر مرضه واستدعت ولي العهد إبنه توزان شاه إلى تولي الحكم ومن ثمة إعلان خبر وفاته.. يضم التاريخ العربي حكايات كثيرة مماثلة.. وفي الأسبوع القادم سوف نتحدث عن سليمان القانوني وأسباب إخفاء خبر موته في المعركة عن الرعية.. والذي ظل معطرا في كفنه 40 يوما.