هل من الصدفة أن يتكلم كل من القرضاوي والعريفي وأوباما في نفس اليوم وفي نفس التوقيت، وينادي المحسوبون على المسلمين بالاتحاد العالمي للعلماء المسلمين “القطري” بالجهاد في سوريا من أجل نصرة المسلمين، من القاهرة، وينادي الرئيس الأمريكي من واشنطن بوجوب تسليح المعارضة السورية، لكي تميل القوة في صالحهم بعد الانتصار الذي حققه نظام بشار وحزب الله المقاتل في صفوفه في معركة القصير وتضييق الخناق على جبهة النصرة وعلى الجيش الحر؟! ليس لأن أمريكا رأت في ذلك تحديا من إيران وحزب الله في المنطقة، أو أن معركة القصير كانت معركة كسر عظم مثلما علق محللون، بل لأن مصالح أمريكا وإسرائيل ودول الخليج باتت مهددة في سوريا إذا ما انتصر حزب الله، وسحقت المعارضة. ومن أجل مصلحة أمريكا رحب “ماك كاين” الجمهوري بالقرار الذي يكون هو من افتكه من إدارة أوباما، فمصلحة أمريكا تسقط الخلاف الجمهوري - الديمقراطي. أمريكا تريد “كسر عظم” الأسد قبل “جنيف 2” لأنها تريد أن تدخل المعارضة قوية، ولذلك قررت تزويدها بالأسلحة لقلب الكفة لصالحها، متحججة باستعمال الأسد للأسلحة الكيماوية مع أن المدعية العامة السابقة في المحكمة الجنائية الدولية “كارلا ديل بونتي” أعلنت منذ أيام أن المعارضة السورية استعملت الأسلحة الكيماوية، لكن الرئيس الأمريكي رفض مثل هذا الكلام وها هو يبني موقفه على ادعاءات تحقيقات صحيفة “لوموند” الفرنسية التي هرّب صحفيوها عينات قالوا إنها لضحايا سوريين. فبماذا يختلف أوباما إذن عن بوش الذي عاث فسادا في العراق؟ ولماذا لا يبكي القرضاوي والعريفي على المسلمين الذين يقتلون يوميا في العراق ويناديان فقط بالجهاد الطائفي في سوريا؟ أم أن العراق دمر وانتهى، ولن تقوم له قائمة ولا نظام يمكن أن يهدد أمراء الخليج وأمن إسرائيل ولا مصالح أمريكا مستقبلا؟! القرضاوي والعريفي وأوباما يخدمون مصلحة واحدة، هي مصلحة الهيمنة الثلاثية على منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية بصفة عامة. أما الهيمنة الثلاثية فهي هيمنة دول الخليج وإسرائيل وأمريكا على هذه المنطقة، ومن هذا المنطلق زعزع استقرار مصر بثورة مزعومة، وتم التمكين للإخوان من الحكم، بمساعدة المال الخليجي وفتاوى القرضاوي، ودمر اقتصادها بسبب الفوضى، وهي تساق بهدوء لترهن تحت سيطرة صندوق النقد الدولي، حتى تصبح مرهونة في فلك أمريكا، وتتخلى عن القضية الفلسطينية لتلعب إسرائيل لعبتها في المنطقة. ونفس الضرر يراد إلحاقه بسوريا، وبحزب الله، فلحلفاء إسرائيل في دول الخليج مشروع آخر للمنطقة، ومفهوم آخر للسلام غير الذي تشترطه حكومة أبو مازن، ومن أجل تحقيق السلام وضمان صداقة إسرائيل، لابد من المرور على جسد سوريا، وعلى جثة الأسد. ربما لم تتضح الصورة بعد، مع حكومات الربيع العربي، الإخوانية، لكنها حتما ستكون بداية نهاية الإسلام السياسي في المنطقة، وما الفوز عبر الصناديق الذي فرضته أمريكا ومخابرها ودبلوماسيتها على المنطقة العربية، إلا رقصة بجع يحتضر. إنها بداية النهاية!؟