تنفرد مائدة العائلة القسنطينية بباقة متنوعة من الحلويات اللذيذة التي تتميز بنكهات خاصة لا يمكن للحلويات المعاصرة مضاهاتها، كطمينة اللوز والجوزية، حيث تسعى ربات البيوت لتحضيرها أياما قليلة قبل حلول الشهر الفضيل استعدادا للاحتفاء بسهرات رمضان، التي يجتمع فيها الأقارب والأحباب لتمضية الأوقات الممتعة طيلة 30 يوما يتخللها عقد الفال والبوقالات، وهي الأجواء التي تضفي على سهرات القسنطينين رونقا خاصا. تتزين مائدة سهرة رمضان في بيوت مدينة الصخر العتيق بحلة رمضانية تفتن الناظر إليها، قبل الشروع في تذوق طعمها الذي يأخذك بعبقه في رحلة إلى الزمن الجميل، أين لا يوجد محل لزخم المضافات والنكهات الصناعية التي جعلت أذواق العديد من الحلويات العصرية تتحول قلبا وقالبا. فرغم ضغوطات الحياة العصرية التي صعبت على الكثيرات على ربات البيوت، لاسيما منهن الموظفات، التفنن في إعداد الحلويات التي تأخذ حيزا طويلا من الوقت، غير أنهن يحرصن دوما على تطويع الزمن لتحضير هذه الأخيرة التي تعد فأل خير، على رأسها طمينة اللوز وحلوة الجوزية، لما تحمله من قيم وموروثات مجتمعية راسخة لا يمكن محوها على مر السنين. فربات البيوت يحرصن على تحضير مائدة سهرة رمضان المزينة بتشكيلة شهية من الحلويات التقليدية، المرفقة بفناجين القهوة المعطرة بماء الزهر الذي تسعى النساء لتقطيره خلال فصل الربيع لاستخدامه في إعداد أشهى المأكولات والحلويات وإضافته لتعطير مذاق البن المر، ما يجعل قهوة ناس قسنطينية جد خاصة. وهي العادات الرمضانية التي لا يمكن للمرأة القسنطينية استبدالها مهما كانت المغريات، لعدة أسباب أهمها العلاقة الجميلة المتأصلة في الذاكرة الجماعية التي تربط أفراد المجتمع القسنطيني بعاداتهم المتوارثة عن السلف، وهي العادات والتقاليد التي بصمت بها المائدة القسنطينية، ما جعلها تتميز عن باقي موائد ولايات الوطن، وإن كانت هناك عوامل مشتركة تربط بينها جراء الاحتكاك وتناقل الخبرات وتكييفها مع خصوصيات كل منطقة.