التعريف بالكتاب: كان كتاب قاسم أمين ”1863- 1908م” ”تحرير المرأة - 1899” أول كتاب أثار زوبعة، أومعركة فكرية واجتماعية في الثقافة والمجتمع العربيين الحديثين، مما دفع مجموعة من الكتّاب إلى الردّ عليه أهمهم: .. ويكفينا أن نرجع إلى أنفسنا ونخطر ببالنا ما كنا عليه في الخامسة عشرة من عمرنا؛ فيتبيَّن لنا أننا كنا أشبه بالأطفال لا نكاد نعلم شيئاً من العالم، ولا نعرف للحياة قيمة، ولا نميِّز كمال التمييز بين مالنا وما علينا، ولا تمتاز لدينا حقوقنا وواجباتنا، وليس لنا عزيمة ثابتة في مجاهدة أنفسنا، وأن أكبر عامل به أثر في تكميلنا هو استمرار تعلُّمنا، وتربيَّة عقولنا ونفوسنا استمرارا لا انقطاع معه، وأن ذلك لم يتمَّ لنا بقراءة الكتب بل بالمشاهدة، والمخالطة وتجربة الناس والحوادث. وفي الحقيقة أن تربيَّة الإنسان ليس لها سنٌ معيَّن تنقطع بعده ولا حدٌ معروف تنتهي عنده؛ فهي لا تنال بمقدار من العلوم والمعارف يجهد الإنسان نفسه في اكتسابه في سنين معدودة ثمَّ يقضي حياته بعد ذلك في الراحة. التربية ليست ذلك الشيء الذي يفهمه عامَّة الناس، حيث يتصوَّرون أنها عبارة عن تخزين كميَّة من المعارف المقررة في بروجرامات المدارس ثمَّ امتحان ثم شهادة ليس بعده إلا البطالة والجمود، إنما التربيَّة هي العمل المستمرُّ الذي تتوسَّل به النفس إلى طلب الكمال من كل وجوهه، وهذا العمل لابُدَّ منه في جميع أدوار الحياة حيث يبتدئ من يوم الولادة، ولا ينتهي إلا بالموت وإذا أراد القارئ أن يتبيَّن صحة ما أسلفته من مضار الحجاب (قصر المرأة في البيت بعد مرحلة من التعلم) على وجه لايبقى للريب معه مجال فما عليه إلا أن يقارن بين امرأة من أهله تعلَّمت،وبين أُخرى من أهل القرى أو من المُتجِرات في المدن لم يسبق لها تعليم؛ فإنه يجد الأولى تُحسن القراءة والكتابة، وتتكلّم لغة أجنبية،وتلعب البيانو ولكنها جاهلة بأطوار الحياة بحيث لو استقلَّت بنفسها لعجزت عن تدبير أمرها، وتقويم حياتها، وأن الثانية مع جهلها قد أحرزت معارف كثيرة اكتسبتها من المعاملات والاختبار وممارسة الأعمال والدعاوى والحوادث التي مرّت عليها، وأنَّ كل ذلك قد أفادها اختبارًا عظيماً، فإذا تعاملتا غلبت الثانية الأولى.