كشف، مؤخرا، تقرير صندوق الأممالمتحدة للسكان، ”حالة سكان العالم لعام 2013”، حمل عنوان (أمومة في عمر الطفولة، مواجهة تحدي حمل المراهقات)، عن أرقام مفزعة لحمل مراهقات في العالم، والتي بلغت 7.3 مليون حالة في الدول النامية سنويا، بينما نجدها بنسب أقل في البلدان المتقدمة. كما سلّط الضوء على واقع قاس لمراهقات أجبرن قسرا على أن يصبحن أمهات وهن في سن الطفولة، ودعا حكومات هذه البلدان إلى تكثيف الجهود لتشجيع الفتيات على البقاء في المدارس، وحظر زواج الأطفال ومنع حالات الحمل في سن المراهقة بتوفير خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، بما في ذلك وسائل منع الحمل، وزيادة الاستثمار في الفتيات لمساعدتهن على تحقيق كامل إمكاناتهن بتوفير فرص التعليم لهن والرعاية الصحية. وأفاد التّقرير أنه في الوقت الرّاهن تُكره فتاة واحدة من أصل تسع فتيات على الزواج قبل بلوغها سن 15 سنة في البلدان النامية، وتنجب فتاة من كل 10 فتيات قبل بلوغها سن 15 سنة في كل من بنغلاديش التي احتلت المركز الأوّل في آسيا، وتشاد وغينيا ومالي وموزمبيق والنيجر التي سُجلت بها أعلى نسبة حمل الفتيات في إفريقيا. وجاءت نيكاراغوا في مقدمة دول أمريكا اللاتينية، واحتلت اليمن الصدارة بالنسبة للشرق الأوسط وعربيا. ومجمل هذه البلدان تشيع فيها زيجات الأطفال. وأشارت التقديرات أيضا إلى وفاة 70.000 مراهقة في البلدان النّامية سنويا جرّاء مضاعفات الحمل والولادة وحالات الإجهاض غير المأمونة، وأن كثيرا منهن يعانين تبعات حمل في ظروف صحية مزرية. وفي ذات السياق تتصدر الولاياتالمتحدة قائمة الدول المتطورة باحتوائها نصف إجمالي عدد المراهقات اللائي أنجبن تقريبا. وأرجع باباتوندي أوشتيميهن، المدير التنفيذي للصندوق، حمل الفتيات إلى فرص التعليم المحدودة أو المهدورة، واستغلال الطفولة في العمالة، إلى جانب غياب التوعية والرعاية الصحية اللازمة. وأضاف أنّ المجتمع يوّجه اللّوم في كثير من الأحيان، للفتاة، دون مراعاة أنّ حملها يكون في معظم الأحيان قسريا، بسبب غياب الخيارات، ولظروف خارجة عن إرادتها. لذا يرى أن الغاية من التقرير رفع اللبس و تقديم منظور أصح عن الظاهرة لمواجهة تحديات حمل المراهقات مستقبلا. وشدّدت نائبته كيت جيلمور، خلال عرض التقرير في مقر هيئة الأممالمتحدة بنيويورك، على ضرورة تغيير ذهنيات الحكومات وإشراك الفتيات في حوار لتنوير عقولهن بشأن حياتهن الجنسية و اطلاعهن على سبل منع الحمل. 10 حالات حمل مبكر لفتيات عربيات تتمّ في إطار الزّواج وفي ذات السياق، كشف تقرير الجامعة العربية أن نحو 20 ألف فتاة في العالم العربي، تحت سن 18 معرضات للحمل، في اليوم الواحد، وأنّ 9 من كل 10 حالات حمل مبكر لفتيات عربيات تتمّ في إطار الزّواج. وصرّح الدكتور نبيل العربي، في كلمة ألقاها بمناسبة احتفالية إطلاق تقرير حالة سكان العالم 2013 الأمومة في عمر الطفولة، وتحدي حمل المراهقات بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، أنّ أهمية هذا التقرير، الذي يعده سنوياً صندوق الأممالمتحدة للسكان مشكوراً بالتعاون مع وكالات الأممالمتحدة ومراكز الأبحاث المتخصصة، بالنسبة للمنطقة العربية ولجامعة الدول العربية، في كونه يعالج بإسهاب وبدقة شديدة قضايا تمثل تحديات كبيرة وهامة تعاني منها مجتمعات السكان في مختلف بلدان المعمورة ومن ضمنها دول الجامعة العربية. لذلك يُشكّل هذا التقرير آلية معرفية تُمكّن من تبادل الآراء والأفكار بين مختلف البلدان حول مشاكل السكان ومدى انتشارها وتأثيراتها، وكذلك الحلول الموضوعة لمواجهتها في مختلف دول العالم. وأضاف العربي أنّ المنطقة العربية تمرّ حالياً بجملة من المتغيرات والتطورات التي كان لها تداعيات كبيرة على السكان، ومع ذلك فإنها أولت اهتماماً خاصاً للمسألة السكانية وحرصت على أن تتمثل وتشارك بكثافة في المؤتمر الاقليمي للسكان والتنمية 2013، والذي كان له الدور الأهم على مستوى المنطقة لمناقشة الاولويات السكانية وإصدار إعلان القاهرة 2013 الذي صادقت عليه حتى الآن 19 دولة عربية. وشدّد أنه منذ سنة 2009، تاريخ اطلاق أول تقرير لصندوق الأممالمتحدة للسكان ”حالة سكان العالم 2009 في مواجهة عالم متغير: المرأة والسكان والمناخ”، تعاطت جامعة الدول العربية مع هذه التقارير واستفادت منها في التعاون المشترك لوضع السياسات والاستراتيجيات الخاصة بالسكان والتنمية في الدول العربية. ودعا الدول العربية لضرورة إنجاز وتجميع وحصر كل البيانات والمعطيات المتعلقة بمواضيع السكان والتنمية بما يساعد في صياغة المعطيات الخاصة بأوضاع السكان بفئاتها المختلفة من شبان ونساء وأطفال. ومن جهته نوّه المدير الإقليمي لمكتب صندوق الأممالمتحدة للسكان، الدكتور محمد عبد الأحد، بأهمية هذا التقرير في في التصدي لحمل المراهقات والعمل على حمايتهن وتمكينهن من اتخاذ قرارات بشأن مستقبلهن، محذرا من الآثار الصحية الوخيمة لحمل المراهقات وتقليص فرص حصولهن على عمل، وأشار إلى أن مليوني فتاة في الوطن العربي قد تم إجبارهن على أن يكن أمهات دون سن 15 عاما، متوقعا زيادة هذا العدد إلى 3 ملايين بحلول العام 2030.