لليمن تاريخ ولا شك وهذا التاريخ موغل في القدم وربما تكون أصول الكثيرين بل الغالبية العظمى من العرب تعود إلى اليمن واليمن صاحبة حضارة عريقة تمتد في التاريخ إلى عهد بلقيس وما فبل بلقيس، إلى عهد سد مأرب وماقبل السد، واليمنيون كان لهم أسبقية في اعتناق الإسلام والذود عن حياضه، وقبائل اليمن قديما وحديثا هي قبائل تتشعب عنها الأفخاذ والبطون، وهي صاحبة لغة وأدب وتفاسير، وفي المحصلة فإن اليمنيين أصحاب حضارة عريقة وما زال باعهم في الشعر والأدب طويلا لا يضاهى ولا يباهى، ولكن هذا اليمن اليوم ليس كما كان بالأمس، ولكن المرض ليس عضالا وإنما هو طارئ لأسباب مختلفة منها الوافد ومنها المقيم، والكثير منها يستمد نفوذه من أجندات أجنبية وإقليمية وتآمرية مخابراتية لها صلة بالمحاولات الغربية الرامية لمنع العرب من العودة إلى سابق أمجادهم وجعلهم يرسفون في سلاسل الفقر والتخلف والحرمان، وكل محاولة يمنية جادة من أجل النهوض كانت تقابل من قوى إقليمية ذات علاقات مشبوهة مع الغرب بالرفض والتآمر والإلتفاف، وحدودها مع جزيرة العرب خاضعة لمزاج عكر ذي طابع قبائلي وما هو أبعد من ذلك، وجنوب اليمن مختلف عن شماله لأسباب عديدة تكمن في أن الأفكار السياسية المعاصرة كان لها دور بارز في ثورة الجنوب حتى تحرر من بريطانيا وتلك الثورة أرست قاعدة فكرية قومية جعلت حكومة الإستقلال تندفع لوحدة الجنوب مع الشمال بحيث يعود اليمن إلى وحدته التي ضربتها بريطانيا ذات يوم، وهذه لمحة تاريخية سياسية موجزة عن تاريخ اليمن المجزأ واليمن الموحد أما اليمن الذي نعرفه اليوم فهو ذلك البلد الجريح المفتت الذي ضربته الفوضى ودمرته أو كادت مؤامرات تحاك عليه من داخله وخارجه، إقليمية ودولية والشعب اليوم يعاني من ذلك الإنقسام ويعاني من المؤامرات التي دخلت القاعدة على خطها وبتشجيع أمريكي إقليمي والمظاهرات لم تتوقف منذ رحيل علي عبدالله صالح، والأحداث تتعاقب والإغتيالات تضرب في عمقه وكذلك الحروب الجانبية قبلية كانت أم حزبية ميليشاوية واليمنيون اليوم يعضون على الجرح ويحاولون الخروج من النفق المظلم الذي حفرته المخابرات الأمريكية بتعاون مكشوف مع قوى إقليمية، والمؤسف جدا أن أصابع الإتهام تتوجه هذه الأيام إلى قوى أمنية وعسكرية من داخل الجيش اليمني المفكك أصلا على أنها إما تتعاون مع القاعدة أم إنها تضخم من خطر القاعدة، وبين هذا وذاك ترعى الذئاب كما يقولون، والذي لابد من الإشارة إليه هو أن قوى إقليمية تعمل على الحيلولة دون إجراء الحوار بين الأطراف المتصارعة، وهذا ما يعطي الفرصة للقاعدة والتكفيريين والسلفيين لأن يعيثوا فسادا في يمننا السعيد، فهل تنجح محاولات التقريب بين وجهات النظر ليجلس المتخاصمون على مائدة المفاوضات والحوار البناء الذي يوصل البلاد إلى شاطئ السلامة ؟ هذا ما نرجوه ونتمناه من كل قلوبنا..