يكابد سكان ولاية عنابة، يوميا، مشقة الحصول على وثائق الحالة المدنية بمختلف أنواعها، حيث تعرف شبابيك تسليم وثيقة شهادة الميلاد الأصلية ”أس 12” على الخصوص، اكتظاظا منقطع النظير للمطالبين بها. فيوميا يصطف عشرات المواطنين أمام بوابة البلدية لسحب وثائقهم أوإيداع مطالب للحصول عليها لاحقا، وأحيانا تحدث مناوشات تستدعي تدخل عناصر الشرطة الذين أصبح وجودهم رفقة هؤلاء المواطنين بشكل يومي مشهدا عاديا. ورغم برمجة يوم السبت، الذي هو يوم عطلة، لمزاولة عمال مصالح الحالة المدنية لمهامهم قصد تخفيف ضغط باقي الأيام، إلا أن ذلك لم يمكن من إنهاء إشكال الطوابير الطويلة اليومية أمام مقر بلدية وسط عنابة، خاصة مع العلم أنه يتم منح 4500 وثيقة حالة مدنية يوميا، ما كان وراء استنزاف كبير لمختلف وثائق الحالة المدنية، الأمر الذي فسح المجال أمام مافيا المتاجرة بالوثائق الإدارية.. حيث يقوم أشخاص ببيع هذه الوثائق بأسعار تراوحت بين 15 و40 دج. ومع استفحال الظاهرة بوشرت تحقيقات حول أفراد هذه العصابات، كما تمت مراسلة مصالح وزارة الداخلية للمطالبة بحصص إضافية من هذه الوثائق، سعيا لوضع حد لنشاط هذه المافيا التي يعود تواجدها للعديد من السنوات، حيث تزايد نشاطها مع موجة إعادة إسكان قاطني السكنات الفوضوية، وبروز طلبات على الوثائق الإدارية لإعداد ملفات السكن، حيث تباع وثائق الإقامة مقابل سعر قدر ب400 دج عبر بلديتي عنابة والبوني، ليتغير النشاط حسب المتغيرات الاجتماعية ويتم الاستثمار في أزمة وثائق الحالة المدنية، التي مازالت بارزة بالنظر لعدد الطوابير المطالب أصحابها بمختلف وثائق إثبات الهوية. وإلى جانب أزمة وثائق الحالة المدنية، تبقى ندرة الطوابع البريدية أمرا يميز مصالح محكمة عنابة، أين يتذمر آلاف المواطنين الذين يتوافدون يوميا من أجل سحب وثائق الجنسية، الأحكام القضائية أو شهادات السوابق العدلية، حيث تجد نسبة كبيرة منهم نفسها أمام خوض رحلة مراطونية للحصول على طابع بريدي. وقد علمت ”الفجر” أن العديد من أصحاب مقاهي الأنترنت طالبوا بالحصول على اعتمادات من أجل السماح لهم بيع الطوابع البريدية، غير أن طلبهم قوبل بالرفض، ما عمق هذه الأزمة التي تدفع بالبعض للذهاب إلى ولايات مجاورة، للحصول على مختلف الطوابع البريدية التي يبقى العديد من أنواعها رهن التسويق المحدود لدى صحاب محلات الهواتف والأكشاك. بين مقر البلدية والمصالح الإدارية لمحكمة عنابة، اللتين تفصلهما بعض الأمتار فقط، تبقى مظاهر معاناة مواطني عنابة بارزة للعيان يوميا من كابوس ندرة وثائق الهوية والطوابع البريدية على السواء، حيث تبقى الطوابير مظهرا عاما لم تتمكن مختلف الإجراءات من وضع حد لها.