دعت المؤسّسة العالمية لأمراض الرّئة خلال اجتماع لجنتها بمدينة نيويورك بحر هذا الأسبوع، إلى ضرورة أن تشمل الحملة العالمية لمحاربة آفة التدخين السّيجارة الالكترونية، والإسراع في سن قوانين تقيّد استعمالها في الأماكن العمومية، كما في الفضاءات المغلقة. وصرّح الدّكتور شنيدر، رئيس المكتب العلمي للمؤسّسة خلال الاجتماع، أنّ أعظم مكاسب الصّحّة العمومية يكمن في جعل التّدخين شيئا غير عادي حتّى في الأماكن العمومية، لاسيّما لدى اليافعين، وهو ما أدى إلى انخفاض نسبة تعاطيه بشكل عام. وأوضح شنيدر قائلا:”إنّنا أوقعنا أنفسنا في فخّ لمّا تركنا الأمور تسير بتلقائيتها، ونحن نجهل الكثير عن السّيجارة الالكترونية والأضرار التي يمكن أن تشكّلها على صحّة متعاطيها، لأنّه تبيّن أنّ ما نجهله مؤلم جدا. فقد أظهرت التّجارب العلمية تفاوتا كبيرا في نسب ونوعيات النّيكوتين الذي تصدره السّجائر الالكترونية، وأنّه لا توجد في الوقت الحالي معايير لإنتاج وتصنيع هذا النّوع من السجائر، ولا حتى تقييد للعناصر الكيماوية التي يمكن أن تدخل في تكوينها. لذا فإنّه ليس لدى متعاطي هذا النّوع من السّجائر أيّة فكرة عن المواد التي يستنشقونها. وبالمختصر المفيد فإنّ شركات انتاج السّيجارة الالكترونية تبيع نيكوتين، وفوقه إدمان على النّيكوتين، دون مراعاة أخطاره الكبيرة على المنظومة القلبية الوعائية، وتسبّبه في ارتفاع ضغط الدّم وخفقان القلب غير العادي. أما بالنّسبة للنّساء، زيادة على تسبّب النّيكوتين في انخفاض مستوى هرمون الاستروجين، فقد ثبتت علاقته المباشرة بسن اليأس المبكّر. وفي السّياق، أثبتت الدّراسات الإبدميولوجية الحديثة، تداخل العلاقة بين الولادات المبكّرة، والسّمنة المفرطة، والسّكري، وارتفاع الكولسترول، وارتفاع ضغط الدّم لدى الأطفال. لذا لا يمكننا بأي حال من الأحوال غضّ الطّرف عن الأضرار النّاجمة عن التّدخين السّلبي للسّيجارة الالكترونية. وبخصوص شحن السّيجارة الالكترونية، لم تخضع تركيبة السّائل الذي تُعبأ به، ولا حتّى الذرّات والدقائق، والمواد الأخرى التي يتم إصدارها واستنشاقها إلى دراسة جادّة، فكلّ الدّراسات التي أنجزت لحدّ الآن أقل ما يقال عنها أنها سطحية وغير فعالة، مما يجعل كمية النيكوتين الحقيقية المستنشقة سلبا وإيجابا، إضافة إلى المواد المسرطنة الأخرى كتابا مغلقا. ويذكر أنّ دراسة نشرتها الجريدة الأمريكية للصّحّة ( the American Journal of Public Health) أظهرت أنّ أولئك الذين جزمو أنّ السيجارة الإلكترونية وسيلة يمكن من خلالها الإقلاع عن التّدخين في ظرف ستة أشهر، قد غرّروا بمن وثقوا في طريقتهم العلاجية، لأنّ المدخّنين قد واصلوا التّدخين ولم ينقص تعاطيها من إدمانهم في شيء. لذا يرى كثيرون أن بقاء السّيجارة الالكترونية غيرالمقيّدة في الأسواق، قد يعرقل المساعي الرّامية إلى إيجاد أنجع السّبل للإقلاع عن التدخين بما في ذلك الإقلاع العفوي عن التّدخين. وخلُص ”شلوغر” إلى أنّه قد يكون لاعتبار البعض السّيجارة الالكترونية كبديل ناجع للسيجارة العادية شيء من الصحة، لكنّ الواقع مغاير تماما. فتقرير مركز السيّطرة عن لأمراض (CDC) قد أشار إلى تفشي السّيجارة الالكترونية في أوساط المراهقين اللّذين يدرسون في الطّورين الإكمالي والثّانوي، لولعهم ب”البريستيج” والإحساس بالرّقي والعظمة الذي تمنحه السّيجارة. لذا يجدر بنا دق ناقوس الخطر والتوقف عن كل هذا الهراء والسّذاجة اللّذين يصبّان في صالح الشركات المنتجة التي لا تفكر إلا في تحقيق الأرباح الوفيرة على حساب صحّة العامّة، بدليل تكثيفه الحملات الدّعاية والتّرويج للمنتوج الذي جعلته وسيلة غاية في الأبّهة والنّجاعة، وإضفائها عليه نكهات الفواكه الاستوائية لإنجاح تسويقه، وإخضاع تصميمه للتنميق والتّزيين لشدّ المدخنين وغير المدخنين إلى الإدمان عليه مدى الحياة، وهو ما سيهدّد حتما التقدّم الهائل الذي حققته الحملة العالمية لمكافحة التدخين.