احتضنت قاعة المحاضرات بجامعة الجيلالي اليابس بسيدي بلعباس، أول أمس، فعاليات الملتقى الوطني الأول حول مظاهر العنف وتداعياته المختلفة، بمشاركة مجموعة كبيرة من الباحثين الإجتماعيين والأساتذة الجامعيين من مختلف ولايات الوطن، على غرار كل من جامعة الجزائر، تلمسان، البليدة، سعيدة، مستغانم والشلف . تركزت محاور الملتقى في نقاط أهمها مظاهر العنف وعلاقتها بالبناء الإجتماعي، وتداعيات العنف وآثارها على الأفراد المجتمع، وكذا تقييم السياسات العقابية لظاهرة العنف التي أصبحت تكتسب مؤخرا اهتماما واسعا وإجماعا عاما على إدانته، خاصة بالمجتمع الجزائري، هذا الأخير الذي عرفت الظاهرة به أبعادا خطيرة وأشكالا عديدة كالجريمة المنظمة المرتبطة بتجارة بالمخدرات، اختطاف الأطفال والإعتداء عليهم جنسيا وحتى قتلهم.. وهي الظاهرة التي كانت موضوع مداخلة الدكتورة كركوش فتيحة من جامعة البليدة، والتي ركزت فيها على دراسة الظاهرة بطريقة تشخيصية ووقائية، حيث تحدثت بإسهاب عن ظاهرة اختطاف الأطفال وتعرضم لمختلف الجرائم التي تنامت في الآونة الأخيرة، بدليل الإحصائيات المسجلة التي تؤكد اختطاف أزيد من 200 طفل خلال السنة المنصرمة، مرجعة أسباب الظاهرة إلى دوافع إجرامية بالدرجة الأولى، أهمها الإشباعات الجنسية، طلب الفديات، نزاعات إقتصادية واجتماعية لأغراض الشعوذة، وحتى لانتزاع الأعضاء. وعن الآثار الناجمة على ظاهرة الإختطاف، ركزت المتدخلة على الآثار السلبية المنعكسة على الطفل الضحية الذي تعرض للإختطاف، ومن ذلك القلق النفسي وما يسمى بالآثار البعدية التي تؤثر بشكل كبير على تكوين شخصيته المستقبلية التي قد يغلب عليها طابع العنف والإنتقام. كما تحدثت عن تأثير الظاهرة على الأسر التي أصيبت معظمها بما يسمى في علم النفس بالوسواس القهري نتيجة الخوف الكبير على أبنائها. وعرف الملتقى تقديم عديد المداخلات، أهمها مداخلة الدكتور مونيس بخضرة من جامعة تلمسان، والذي تطرق لتحليل أنتربولوجية عنف الذات الجزائرية، والتي ربطها بالعامل التاريخي بما في ذلك الإستعمار وتأثيراته، مؤكدا أن تركيبة الفرد الجزائري تغلب عليها التقليدية، فالعنف عنده سلوك تعبيري وقناة تواصلية مع غيره من الذوات، ليبين بعدها أن العنف الإجتماعي الحاصل حاليا زادت حدة ظهوره بعد اختفاء العنف السياسي الذي شهدته البلاد خلال العشرية السوداء. أما الدكتورة بن عبد الله فتيحة من جامعة وهران، فقد تطرقت للمشاكل المنهجية التي تعيق دراسة ظاهرة العنف، حيث أكدت أن الظاهرة تتطلب التركيز على المنهج الإحصائي لدراستها دراسة صحيحة وشاملة، وهو ما يناقض الواقع في ظل وجود صعوبات كبيرة في جمع هذه الإحصائيات والحصول عليها، وكذا نقص في التنسيق بين الجهات المعنية، كالأمنية، القضائية والصحية.. تلتها مداخلة عن العنف المدرسي للدكتورة شيخ فتيحة، وأخرى تحت عنوان العنف عند الأطفال والمراهقين في ظل وسائل الإعلام والتواصل المعاصرة للدكتور حلوش مصطفى. وعرف اليوم الثاني من الملتقى مداخلات لا تقل أهمية عن سابقاتها حول ظاهرة العنف أهمها، العنف الأسري ضد المرأة للأستاذة بلعجال فوزية من جامعة بلعباس، السياسة العقابية في الجزائر للحد من الظاهرة للأستاذة حرناطي أمينة من نفس الجامعة، ومداخلة حول دور المؤسسات العقابية كأداة لتحقيق السياسة العقابية للأستاذ خنفوسي عبد العزيز من جامعة سعيدة.