تسجل الجزائر أرقاما خطيرة حول أمراض القلب والأوعية، حيث أن الجلطة القلبية أواحتشاء عضلة القلب تصيب 25 ألف شخص في السنة، أي شخصا من أصل 5 أشخاص في سن الأربعين إلى الستين عاما. لكن يمكن أيضا أن تصيب النساء والشباب. كما يحصي العالم 17.3 مليون حالة وفاة سنويا، وهي حالات ناتجة في أغلبها عن أمراض القلب والأوعية.. وإلى غاية الآن يجهل سبب الخطر أثناء الجلطة القلبية. ويعرّف المختصون احتشاء عضلة القلب على أنه موت منطقة أقل أوأكبر اتساعا لعضلة القلب، حيث تصبح خلايا العضلات القلبية غير قادرة على الانسجام بسبب نقص في الأوكسجين وتموت في بضع ساعات. وتكمن خطورتها بالأخص في اتساعها، فكلما امتد انسداد الشريان في مساحة أوسع، كلما كانت الجلطة أكثر خطورة. ويحدث غالبا احتشاء عضلة القلب أثناء الليل أو في أوقات الراحة ويتجلى من خلال ألم مفاجئ، وهذا الألم الحاد المقلق الذي يضيّق الصدر يشعر به المصاب على مستوى القفص الصدري. والجدير بالذكر أن عامل الوقت مهم جدا في التكفل بعلاج الجلطة، من خلال الإسعاف الأولي قبل الاستشفاء وكذا تحويل المرضى عن طريق وسائل نقل طبية باتجاه مراكز متخصصة، وهي عوامل أساسية في تشخيص حالة المريض. وفي هذا السياق تحظى شبكات الطوارئ ومصالح المساعدة الطبية المستعجلة بالأهمية البالغة في مجال التكفل بمرضى الجلطة القلبية. وعلى المستوى العالمي يزداد الاهتمام المخصص للبحوث الإكلينيكية، والمترجمة من خلال درجة اهتمام الباحثين والسلطات العمومية حول الجلطة القلبية، وترتبط المدة بين ظهور الألم والتكفل الطبي بالمريض بالإستراتيجية العلاجية. وتندرج دراسة ”اتلانتيك” في هذا الإطار، وقد شملت عينة ب1800 مريض تفوق أعمارهم 18سنة يعانون من أعراض الجلطة القلبية، ويتعلق الأمر بدراسة عالمية استغرقت 30 يوما عبر أربعة مراحل عشوائية، بأفواج متوازية، مزدوجة وتقييم الفعالية. وتركز موضوع الدراسة حول تقبّل بدء عملية ما قبل الاستشفاء مقارنة مع عملية الاستشفاء بواسطة علاج ”تيكاغريلور” لدى المرضى المصابين بالجلطة القلبية، مع اضطراب في القطعة ”آس تي” التي لأجلها يتم تقرير إجراء قسطرة تاجية أولية. وتهدف هذه الدراسة إلى تقييم فعالية وتقبل عملية ما قبل الاستشفاء ”داخل سيارة الإسعاف/ مصلحة الاستعجالات” نحو مرحلة الاستشفاء الداخلي”غرفة قسطرة القلب” من خلال دواء ”تيكاغريلور” لدى المرضى المصابون بالجلطة القلبية، والمرشحون لإجراء عملية القسطرة. وتحدد هذه الدراسة إذا كان المريض يخضع لعلاج ”تيكاغريلور” في الحالة الاستعجالية أم قبل العملية فقط، ما يؤدي إلى ضخ سريع للشريان المسؤول عن الجلطة، وبالتالي تسهيل عملية القسطرة وحتى تحسين النتيجة المتوقعة لهذا العلاج. وقد تم اختيار بعض مراكز أمراض القلب في الجزائر من أجل التكفل بالمرضى في مصالح الاستعجالات وتحويل المرضى نحو المصالح المسماة بالمرجعية، لكي يستفيدوا من جراحة للقسطرة. المرضى الخاضع،ن لهذه الدراسة هم بالأساس متابعون من قبل أطباء الاستعجالات قبل أن يحولوا إلى قاعة القسطرة من أجل قسطرة أولية. وحسب التوصيات العالمية، فإن المقاييس المتعلقة بمدة التكفل بالمرضى المصابين بالجلطة القلبية تحدد بين 30 دقيقة و 6 ساعات، حيث أن المرضى الخاضعين للدراسة تم تحويلهم في الآجال المحددة بواسطة سيارات إسعاف طبية في المراكز المرجعية. وأمام مشاركة 12 بلدا غربيا، تعد الجزائر البلد الوحيد المشارك من منطقة إفريقيا والشرق الأوسط التي سخرت كل الإمكانيات البشرية والمادية، وكذا كل الكفاءات المعنية بهذه الدراسة التي اشرف عليها ”أسترا زينيكا”. تم إنجاز هذه الدراسة من طرف ”كلينيكا ڤروب”، شركة الأبحاث الإكلينيكية المعتمدة من قبل وزارة الصحة، والمشكلة من فريق بحث 100 بالمائة جزائري. وقد سمحت الدراسة بتسخير 173 مركز تجنيد عبر العالم و103 مركز قسطرة عبر مصالح أمراض القلب بالمستشفى الجامعي للبليدة والمركز الوطني للطب الرياضي والمستشفى الجامعي ”بارني”، التي يسيرها على التوالي البروفيسور محمد الطاهر، البروفيسور رشيد بوغربال، والبروفيسور جمال الدين نيبوش. هذه المراكز المختلفة، وأخرى المدمجة في الدراسة، عملت بالتعاون مع وبيّنت أنه بفضل التحفيز والاتصال والعمل الجماعي المميز، واستطاع المرضى الاستفادة من التكفل الجيد، وهذا ما ساعد على نجاح ”اتلانتيك”، وقد انطلقت عبر العالم في شهر سبتمبر 2011 الأشغال التي لاتزال جارية ومن المرتقب الإعلان عن نتائج هذه الدراسة المهمة في شهر أوت 2014 المقبل. من خلال هذا الفريق من الخبراء والجدية والالتزام، ونظرا لنجاح ”اتلانتيك”، تلقت الجزائر جائزة القيادة العلمية في منطقة إفريقيا والشرق الأوسط لتسليط الضوء على الأداء والمستوى العالي الفرق العلمية الجزائرية في تنفيذ الدراسة، وتأكيد القيادة العلمية لجميع المشاركين. وخلال حفل نظم في اسطنبول بتركيا شهر نوفمبر 2013، استلمت الجزائر الجائزة بجدارة أثبتتها النتائج للمراقبة الدقيقة التي قامت بها الشركة الفرنسية المستقلة، التي رفعت بلدنا إلى مستوى ذي مقاييس عالمية في مجال البحث الإكلينيكي. ويقول الدكتور حبيب بن ناصر، المدير العام ل”أسترا زينيكا الجزائر”، إن هذا الارتقاء إلى المعايير العلمية الدولية تم تحقيقه بفضل المشاركة الدائمة لبلادنا في كل مشاريع الأبحاث الإكلينيكية الهامة، وكذا تفوق خبرائنا وفريق ”أسترا زينيكا” الجزائري وشريكه في البحث ”كلينيكا ڤروب” المجندة لهذه الدراسة. من جانبه الدكتور صلاح الدين صحراوي، المدير العام لشركة ”كلينيكا ڤروب”، قال:”شهادة الامتياز هذه للنخبة العلمية الجزائرية هي مؤشر اعتراف للجزائر على نجاحها، الذي ما كان ليكون لولا تشجيع ودعم السلطات العمومية التي نوجه لها كامل تشكراتنا”. وأضاف: ”هذه الجائزة جاءت لإثراء التراث الجزائري.ولهذا تم تقديم هذه الجائزة للسيد عبد المالك بوضياف، وزير الصحة، يوم 23 ديسمبر 2013 أثناء حفل نظمته وزارة الصحة، أين أكد لنا الوزير دعمه للبحث الإكلينيكي في الجزائر والتزامه بترقية البحث الطبي، وهذا في خدمة المرضى الجزائريين”. المسؤولان لم يفوتا المناسبة دون شكر الباحثين الجزائريين المتخصصين وكل الفاعلين في الهياكل العمومية الصحية، الذين أضافوا لمستهم في هذا المجال. وبصفته رئيس الجمعية الجزائرية لأمراض القلب، صرّح البروفيسور بوعافية، أن هذه الدراسة تبين المستوى الراقي الذي بلغه طب أمراض القلب في الجزائر وتبين أيضا أهمية تطوير شبكات التكفل حول مراكز أمراض القلب الجراحية، بما فيها المجموعة الطبية الكاملة، بدء من الطبيب الإستعجالي إلى المختص في أمراض القلب مرورا بالمختص في الإنعاش.