تناول المسرحي الجزائري علي عبدون، في الورقة التي قدمها في مؤتمر ”المسرح والهويات الثقافية” المصاحب لفعاليات مهرجان المسرح العربي بالشارقة، قضية الهوية بوصفها ذاكرة فنية من خلال ظاهرة ”آيراد” المسرحية الشاملة، حيث حملت عنوان ”آيراد ولعبة الأسد”، هي لعبة منتشرة في مناطق جزائرية، وبالأخص في بني سنوس بتلمسان والجزائر العاصمة. وتحدث المسرحي والمخرج علي عبدون، في المداخلة التي ألقاها، أول أمس، بقصر الثقافة في إمارة الشارقة، ضمن فعاليات اليوم الثاني من مؤتمر المسرح والهويات الثقافية، بحضور باحثين عرب من لبنان وتونس وسوريا ومصر، عن الطفل الذي عاد من المدينة إلى قريته الصغيرة، بعد غياب طويل لم يقطع فيه الحبل مع بيئته الجبلية ”بني سنوس” ولا حتى ولايته الحضرية تلمسان، التي عاد إليها بعد مرور وقت طويل شابا متعلما ومثقفا، ومتكونا وممارسا هاويا، إلى جانب نضاله في المسرح، حيث اعتبر علي عبدون في هذه المداخلة أنّ الطفل يشكل محورا بين المسرح والبيئة والعلاقة التي تربطهما ببعض بقوة في تصوير الواقع بحقيقة وبصدق دون مبالغة أو تزييف. إضافة إلى دلالته على الهوية بكل ما تحمله من عناصر تاريخية وتقاليد وعادات، والتي تعدّ كما قال الذاكرة الوفية. واستعرض في هذا الإطار المدن التي أثرت فيه بشكل كبير ومن ثم كشف عن تفاصيل حكايته أو اللعبة المعروفة والشائعة الممارسة في جبال الأمازيغ الجزائرية. وفي السياق ذاته تساءل المسرحي التونسي عزالدين المدني عن معنى أن يكون للمسرحي هوية ثقافية، وكيف كونها هو في رحلته بين القرية والمدينة ومسيرته التي اطلق شعلتها شابا في ستينيات القرن الماضي، مستلهما مفرداتها من الإغريق الأوائل وفلاسفة اليونان وشعرائه المسرحيين الذي اختلف معم بعد ذلك، متمردا على محددات أرسطو طاليس، غير قابل بمرجعية أفلاطون، رائيا بأنّ المسرح العربي بإمكانه أن يستند على هويته الخاصة به دون أدنى مواربة ولا أي تردد يذكر. تجدر الإشارة إلى أنّ الندوة التي أدارها الناقد العراقي فاضل الجاف، عرفت تقديم عدّة تدخلات من طرف كل من المسرحي اللبناني عساف روجيه، الذي أكدّ على دور الجمهور كعضو فاعل في الجسم الثقافي وعنصر مساهم في الحركة النقدية، وكذا المصرية امناني فؤاد، والسوداني يوسف عايدابي الذي عالج موضوع ”المسرح وفضاءات التشكيل في الهوية الثقافية، بحث خلاله ”قلعة جي” الثابت والمتحول في الهوية الإنسانية بصفة عامة والهوية العربية بشكل خاص، مركزا على التراث باعتباره أحدّ مقومات الهوية الانسانية وأنّ اكتشاف أو إعادة صياغته وإنتاجه يمكن لها أن تسهم في اكتشاف الذوات المتعددة للهوية والذات الكلية ببناء أسس تبنى على التاثير والتأثر.