ماذا سيقول عمار سعداني اليوم عن توفيق الإيطالي، أو بالأحرى رئيس المخابرات والمدعي العام الإيطاليين، بعد ما أوردته الصحيفة الإيطالية ”إلفاتوكوتيديانو” أمس، هل سيتهمها بأنهما يحاولان عرقلة العهدة الرابعة للرئيس، أم سيكذبهما ويقسم بأغلظ الأيمان أن شكيب خليل هو أنظف وزير عرفته الجزائر، وأنه بريء من كل هذه التهم؟! قلت هذا من باب التهكم على ”البراح” لا غير. صحيح أنه قبض ثمن ”التبريحة” الملايير، وملاييره هذه لن ترفع صوته حتى إيطاليا ليهدد قضاءها أو يحاول التدخل عند المدعي العام هناك و”أمره” مثلما حاول فعله مع وزير العدل السابق ”شرفي”، ليسحب اسم شكيب خليل من هذه الفضيحة، مقابل احتفاظه بمنصبه!؟ القضاء الإيطالي الذي كشف المزيد من ألاعيب وزير الرئيس ومحيطه في قضية سوناطراك، كشف أن مافيا سوناطراك التي ورّطت الرئيس في فسادها قد تجاوزت كل الحدود، وأن لها فروعا في بلدان أخرى، ليست فقط في إيطاليا ودبي أو كندا، وإنما أيضا في أمريكا التي تكون شركاتها لصناعة الهواتف الذكية، وراء هذه العملية الدنيئة التي لم تستهدف فقط مداخيل النفط وإنما استقرار بلاد بأكملها، بالتلاعب بمصالح شعبها. يكفي أن تعرف سعر الهاتف النقال ”بلاك فون” المضاد للاختراق والذي تبلغ قيمة الواحد منه 2 مليون يورو. تقول الصحيفة الإيطالية إن شكيب ومن معه استعملوا ثلاثة هواتف صنعت لأول مرة خصيصا لاستعمالها في قضية سوناطراك، لأن شكيب كان يخاف أن تتعقبه مصالح توفيق. يكفي أن تعرف ثمن هذه الهواتف (6 ملايين يورو) لتدرك حجم الكارثة، فكم قبض شكيب خليل ومن يقف وراء شكيب خليل حتى يدفع ثمنا باهظا كهذا مقابل هواتف؟! ثم أليست هذه مافيا تتورط فيها دول بحالها. وهل كانت شركة الهاتف النقال هذه لتصنع هذا النموذج لأول مرة خصيصا ”للسطو” على سوناطراك، لو لم تتدخل مصالح دول، فصناعة الهواتف الذكية حساسة، ووكالة الاستخبارات الأمريكية تتدخل في كل شيء، وما كانت لتمر صفقة هكذا دون أن تعلمها أو تعطي موافقتها عليها. فنهب سوناطراك إذن لم يعد يعني خليل وعصابته وحدهم بل هي عصابة تتورط فيها دول، وشكيب خليل لم يعد رئيس العصابة مثلما كنا نظن بل هو مفتاح القفل! ولهذا ربما هو مطمئن أن لا أحد يمكن أن يقوده إلى العدالة وأن مخابرات مثل المخابرات الأمريكية ستضمن حمايته. وربما لهذا قرر رئيس الجمهورية باتفاق مع وزير العدل، مثلما نشرت ”الفجر” في أكتوبر من السنة الماضية، أن يعالج قضية ”سوناطراك 2” في سرية، حتى لا أقول يكون قد قبرها وأمر بطيها ووضعها في الأرشيف، لأن نار ”سوناطراك 2” ستلتهم كل محيطه. لكن المدعي الإيطالي لا يخضع لسيطرة وزيرنا للعدل، ولا أظن أن لديهم أمينا عاما لأفلانهم اسمه عمار سعداني، ليخرج متهما المؤسسات الإيطالية بتهم مثل التي كالها سعداني الجزائري لتوفيق ومؤسسته. فالقضاء الإيطالي متعود على محاربة ”مافيا لاكامورا” التي ذاع صيتها في كل العالم، ولن تخيفه المافيا التي يحاول سعداني الأفالان تبييضها وتبرئتها من نهب سوناطراك. إنها فضيحة بكل المقاييس، وما هي إلا قطرات الغيث الأولى، ونتمنى ألا تتحول إلى فيضان مثل فياضانات باب الوادي، إلا لغسل البلاد من درنهم؟!