المناظرة تكشف قوة برنامج المترشح وتفضح عيوبه يبدو أن بلادنا لا تزال بعيدة عن مستوى تنظيم المؤتمرات الصحفية التلفزيونية المباشرة، أو كما تعرف ب”المناظرات”، فرغم انطلاق الحملة الانتخابية للمترشحين الست لسباق ”كرسي المرادية”، إلا أنه لم يتم لحد الساعة الحديث عن إجراء مناظرات بين المترشحين لإطلاع الجمهور العريض على مستوى كل واحد منهم وإمكانياتهم. لم يحن الوقت بعد في الجزائر، لتنظيم حملات انتخابية من طراز تلك المنظمة بالدول المتقدمة وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية، طالما أننا بعيدين كل البعد عن السماح بإجراء مناظرات مباشرة لمترشحي الرئاسة أو أي مترشحين آخرين على قنوات التلفزيون، بحيث تحظر لجنة تنظيم والإشراف على الانتخابات على المترشحين إجراء مثل هذه المناظرات لأسباب لم يفصح عنها القائمون على اللجنة، بالرغم من وعودهم بدراسة القضية خلال الأيام القليلة المقبلة. ومن الواضح أن حظر إجراء المناظرات السياسية خلال الحملات الانتخابية دليل قاطع على ضعف الممارسات السياسية وآليات الحكم ببلادنا التي لا تزال فتية ولم تبلغ بعد مستوى الديمقراطية، فالتخوف من الإفرازات التي قد تخلفها مثل هذه المناظرات على الرأي العام تسبب في منعها على مترشحي الاستحقاقات الرئاسية المرتقبة في 17 أفريل المقبل، لتقتصر بذلك برامج الحملة الانتخابية سوى على المهرجانات الدعائية والتجمعات عبر الولايات ال48، وكذا تخصيص أماكن لإلصاق الصور واللافتات الخاصة بالمرشحين الستة، بالإضافة إلى تعبئة مؤسسات التلفزيون والإذاعة فترات محددة لبث رسائل المرشحين ومندوبيهم طيلة فترة الحملة. وحسب تفسيرات المتتبعين للشأن السياسي بالجزائر، فإن حظر إجراء المناظرات السياسية نابع من إرادة سياسية محضة، كون مستوى المترشحين لا يسمح بفتح قنوات الحوار بينهم على المباشر نظرا لعدم تقبل الآخر وفقدان الثقة بالبرامج المقدمة، خاصة وان المناظرات تتطلب تحكم حقيقي في البرامج والمصطلحات كما تقتضي فصاحة وبلاغة للتمكن من مناقشة الخصم بشكل يؤثر في الجمهور مما يؤثر مباشرة بدروه في الرأي العام ونتائج صندوق الاقتراع مثلما هو الحال بأمريكا. فبحظرها يحرم الجزائريون من الاستمتاع بمشاهدة مترشحي الرئاسة في نقاشات ساخنة على المباشر، ليتسنى لهم تقييم مستوى كل واحد منهم ومدى اطلاعهم على الحياة السياسية وتطلعات الشعب الذي ينتظر من الوافد الجديد على الهيئة التنفيذية تغيير النظام القائم والاستجابة لمطالبهم. وتجدر الإشارة، إلى أن أول مناظرة في العالم تمت بالولاياتالمتحدةالأمريكية وذلك عام 1860 بين عضو الكونغرس الجمهوري أبراهام لنكون، والسناتور الديمقراطي ستيفن دوغلاس، لتأتي بعدها مجموعة من المناظرات المتعلقة سواء بانتخابات الكونغرس الامريكي أو انتخابات الرئاسة من أشهرها مناظرة 1960، التي كانت بين السناتور جون كنيدي ونائب الرئيس نيكسون، ومناظرة الرئيس باراك أوباما مع المترشح مت رومني.