نايلي : " العلاقات الجزائرية-الروسية تحظى بتعزيز نوعي متواصل    الجزائر أضحت مستهدفة بإغراقها وضرب شبابها بالمخدرات    عطاف يتحادث مع السفيرة سلمة مليكة حدادي    رسائل ثقة من شأنها طمأنة المتعاملين اجمالا, والمصدرين خصوصا    إطلاق مشروع "طاقاتي+" بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي وألمانيا    إطلاق شبكة الجيل الخامس (5G) في النصف الثاني من عام 2025    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 50983 شهيدا و116274 مصابا    222 مشروع لتجسيد "برنامج التنمية الجماعية" لفائدة الجمعيات    الفواكه البرية خطر على الصحة    ابراهيم مراد : الجزائر اعتمدت مقاربة شاملة لمواجهة الاتجار بالبشر    هيئتان للتصدير والاستيراد انفتاح على الخارج وحماية للسوق    رسائل ثقة للاقتصاديين ودعامة للاقتصاد الوطني    حجز 66 كلغ من الكوكايين بأدرار    لأول مرة.."باك مهني" سبتمبر المقبل    الأمم المتحدة: مجلس الأمن يعقد اجتماعا مغلقا حول قضية الصحراء الغربية    اتحاد ورقلة يهدد بالمقاطعة ومستقبل الرويسات يندد    صادي يؤكد على ضرورة تفعيل الرياضات المدرسية والجامعية    المجتمع المدني .. من ثورة التحرير إلى الجزائر المنتصرة    اعتبار 12 موظفا عاملين بالسفارة الفرنسية وممثلياتها القنصلية بالجزائر أشخاصا غير مرغوب فيهم    حسن الجوار.. علاقة تلاشت مع الزمن    تموين افتراضي حول مكافحة حرائق الغابات    مقترحات تنموية على طاولة والي بئر توتة    وزارة الصحة تحذر من مخاطر التناول المفرط لأدوية مادة الباراسيتامول    "الطيّارة الصفراء" لهاجر سباطة يفتكّ الجائزة الكبرى    المغرب: مطالب بمنع رسو سفن محملة بمعدات عسكرية بموانئ المملكة تستخدم لإبادة غزة    النظام الوطني للتنظيم الصيدلاني محل تقييم ذاتي تحت إشراف منظمة الصحة العالمية    قسنطينة: 20 مشاركة في معرض لفنانات الشرق الجزائري    ندوة تاريخية في قصر رؤساء البحر : لاحياء يوم العلم الحركة الإصلاحية في الجزائر..مسيرة التحولات ومسار التحديات    المغرب: السلطات المخزنية تغلق ثلاث كليات وتوقف الدراسة لثلاثة ايام بسبب نشاط تضامني مع فلسطين    الرابطة الثانية هواة: تحديد تاريخ 14 مايو كآخر أجل للأندية لتسديد ديونها    الجزائر العاصمة : حملات تحسيسية حول سوء استعمال الغاز الطبيعي    حماس مستعدة لإطلاق سراح المحتجزين مقابل وقف إطلاق النار : استشهاد 6 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على خان يونس    غليزان.. تنصيب 13 موزعا آليا للنقود عبر المكاتب البريدية    أول تعليق من أحمد قندوسي على إصابته المروعة    كأس الجزائر /نصف النهائي/ : "داربي" واعد بين اتحاد الحراش واتحاد الجزائر, قمة غير مسبوقة بين شباب بلوزداد ومولودية البيض    هدف تاريخي ومساهمات حاسمة أمام توتنهام..آيت نوري يسطع في سماء البريمييرليغ    افتتاح جناح الجزائر بمعرض أوساكا كانساي باليابان    إعادة ترتيب العالم أم تعميق لركوده وأزماته؟    غزة: رحيل طوعي أم تطهير عرقي ؟    سطيف: عروض عديدة في انطلاق الطبعة الثالثة للأيام الدولية لألعاب الخفة    ما هو العذاب الهون؟    وزارة التربية تُحذّر..    ظاهرة الكهول العزّاب تتفشّى في الجزائر    ينبغي الحفاظ على "الصورة المشرفة" للبعثة الطبية الجزائرية    تراجع في أسعار السردين بسكيكدة    نتوقّع مواقف جد متقدّمة من أعضاء مجلس الأمن    البيض: الطريقة الشيخية الشاذلية تأكد دعمها المطلق للموقف الرسمي للسلطات العليا للبلاد    هكذا ساهم منتخب "الأفلان" في استقلال الجزائر    تتويج أولاد الباهية (ذكور) ومولودية الجزائر (إناث) والتنظيم ينال الامتياز    تكريم وجوه فنية بارزة    الدورة الثامنة من 26 إلى 30 ماي    المجلس الشعبي الوطني: مدير ديوان الحج والعمرة يستعرض آخر تحضيرات موسم الحج 1446ه    يحي سعد الدين نايلي مديراً عاماً جديداً لصيدال    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    11 موقعاً جزائرياً.. نحو العالمية    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    الحضارات الإنسانية لا تعادي الثقافات النبيلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رغيد الططري مثالاً
نشر في الفجر يوم 20 - 04 - 2014

يسعى سوريون في واحدة من حملاتهم لدى منظمات حقوق الإنسان من أجل إطلاق سراح أقدم سجناء الرأي في سجون نظام الأسد، وهو رغيد الططري الذي يقف اليوم عند بوابة العام الستين من العمر، وقد قضى أكثر من نصف عمره معتقلا في سجون الأسد الأب قبل أن ينتقل بالوراثة إلى سجون الأسد الابن، وقد برهن الأخير أنه ليس أقل وحشية ودموية من أبيه. رغيد الططري من مواليد دمشق عام 1955، اعتقل قبل 33 عاما، والسبب تقديمه طلب لجوء في مقر الأمم المتحدة بالقاهرة التي كان يزورها عام 1981، بعد أن قامت الحكومة السورية بفصله من عمله كضابط في الجيش وطيار حربي، ولم يعد له مورد للعيش مع عائلته، فاضطر إلى طلب لجوء.
عندما عاد الططري إلى دمشق من القاهرة أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 1981، جرى اعتقاله في مطار دمشق الدولي، ومثل كل المعتقلين تم تعذيبه بصورة وحشية، وجرى انتزاع أقواله بالإكراه في سجن المخابرات العامة ثم في سجن المزة العسكري، ولم توجه له أي تهمة، قبل أن يعرض لدقائق على محكمة استثنائية عسكرية في عام 1982، هي المحكمة الميدانية الثانية بدمشق، التي أصدرت الحكم بالمذكرة رقم 433 /2، دون الإعلان عنه أو نشره أو إبلاغه لصاحب العلاقة.
بعد رحلة عذاب أولى في أقبية فروع المخابرات وصولا إلى سجن المزة العسكري، بدأت رحلة القسوة الفظيعة التي ما تزال ممتدة حتى اللحظة، حيث انتقل الططري إلى سجن تدمر الصحراوي الرهيب في عام 1982، وبقي هناك 21 عاما، ثم نقل بعدها إلى سجن صيدنايا العسكري، ليمضي هناك عشر سنوات كانت الأصعب في تاريخ السجن وفيها حدثت عمليات تمرد السجناء الذين تمت مواجهتهم بأقصى درجات الوحشية، ونقل بعدها في عام 2011 إلى سجن دمشق المركزي في عدرا الخاضع لوزارة الداخلية، حيث ما زال هناك معتقلا محتجز الحرية، ومعزولا لا يسمح بزيارته من أهله وأصدقائه بسبب تعسف الإدارة وعدم السماح له بمقابلة الزوار إلا بشروط خاصة بعد ثلث قرن من اعتقال تعسفي، ووسط أسوأ الظروف والأمكنة والظلم والقهر النفسي والأوضاع الصحية الصعبة.
حكاية رغيد الططري، مجرد مثال على ما أصاب ويصيب سجناء الرأي في سوريا من ظلم وقهر، وهي مثال لحالات عشرات ومئات آلاف اعتقلوا بسبب آرائهم، التي لا تشكل خطرا على الدولة والمجتمع ولا على الأمن القومي في سوريا، بل هي مجرد أفكار وآراء، وفي حالات أخرى رغبات ومبادرات هدفها خروج سلمي وهادئ من الحياة النمطية التي فرضها نظام الاستبداد على السوريين منذ مجيء الأسد الأب إلى السلطة في عام 1970، وأصابت مختلف الاتجاهات والتيارات السياسية وصولا إلى الأشخاص بمن فيهم شخصيات في النخبة السورية من رجال السياسة والاقتصاد والثقافة في المجتمع، بل إن أشخاصا من رفاق الأسد الأب الذين كانوا على رأس السلطة قبل عام 1970، قضوا نحو 25 عاما من حياتهم في الاعتقال دون ذنب ودون أن توجه لهم تهمة محددة، وبعضهم مات داخل معتقل المزة الرهيب.
وسياسة القتل والإخضاع وصولا إلى التصفية الجسدية عبر الاعتقال، التي كانت صفة ملازمة لعهد حافظ الأسد، وامتدت 30 عاما، جرى تعميمها وتوسيعها في عهد الأسد الابن، ولعل مجريات الأعوام الثلاثة الماضية هي التعبير الأقوى عن هذا التحول في مسار القمع والإرهاب ضد السوريين، فقد جرى اعتقال مئات آلاف الأشخاص ليس فقط بسبب آرائهم السلمية المناهضة للنظام، وإنما بشكل عشوائي تختلط فيه دواعي العقاب مع التخويف والإذلال والابتزاز المادي من جانب الأجهزة الأمنية وعناصرها، إضافة إلى ما قامت به الميليشيات التابعة للنظام وتلك التي تقاتل معه مثل ميليشيات حزب الله اللبناني ومثيلاتها العراقية.
وإذا كان من البديهي ترافق الاعتقال مع التعذيب، فقد ترافقت معهما أوضاع معيشية وصحية أسوأ بكثير مما يتوقع أو يقدر له أن يحدث، انطلاقا من فكرة أن ”المعتقلين أعداء وإرهابيون وعملاء للخارج” وغير ذلك من تهم، لا تبرر اضطهادهم بصورة غير إنسانية فقط، إنما تبرر قتلهم سواء بالإعدام الكيفي المباشر أو تحت الإهمال المتعمد للمرضى والمصابين بفعل التعذيب الشديد، وطبقا لتقارير مصورة فإن 11 ألفا تم توثيق موتهم تحت التعذيب في أحد مراكز الأمن التابعة لنظام بشار الأسد.
حالات الاعتقال في سوريا في مجرياتها ونتائجها، واحدة من أكثر الحالات وحشية ربما في التاريخ الإنساني، ليس بسبب أرقامها الكبيرة فقط، ولا فيما يعقبها من عمليات تعذيب تخلط ما بين الطرق القديمة شديدة الهمجية وأدوات التعذيب بتقنياتها الأكثر ضررا بالإنسان، بل بنتائجها وما تتركه على المعتقلين أولا من آثار قد يكون الموت أرحمها، وبما تتركه من حسرة على أسر المعتقلين وأهلهم وأصدقائهم وعلى المجتمع بصورة عامة، وكلها تفاصيل تجعل من حالات الاعتقال سببا في ضرورة وضع حد لنظام الأسد، واستبدال نظام من طبيعة إنسانية مختلفة يوقف هذا الجور الفظيع الواقع على السوريين به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.