محاولات استرجاع فندق "كارتيا" يضع الوصاية المكلفة بتسييره في الواجهة ملايير الدينارات للدراسة التقنية لوضعية آثار تنس العريقة لاتزال الكثير من المناطق السياحية بالولاية ورغم عراقتها التاريخية وما تتوفر عليه من مناظر طبيعية وآثار تاريخية، لم تأخذ حقها من الاهتمام والاعتبار، من ذلك مدينة تنس السياحية التي رغم ما وهبها الله من إمكانيات طبيعية وموقع استراتيجي ومؤهلات اقتصادية وسياحية، لم تنل حظها من التنمية، الأمر الذي يبقيها في دائرة الصراع من أجل تحقيق أدنى متطلبات العيش الكريم لسكانها. مدينة تنس مدينة سياحية بالدرجة الأولى، لكن عدم اهتمام السلطات الولائية بها جعلها تفتقد للكثير من المنشآت السياحية مثل المركبات السياحية والأسواق العصرية والفنادق الكبرى.. ورغم كل هذا تبقى مدينة تنس وما جاورها من المدن التابعة لها جميلة نظيفة وأصيلة في جميع مظاهر حياة أهلها. السكان ينتظرون حقهم في التنمية تعرف مدينة تنس الساحلية نقصا كبيرا في الأوعية العقارية لإقامة مختلف المشاريع، سواء السكنية أوتلك المرتبطة بالتجهيزات والمرافق العمومية، حيث يعرف مركز المدينة حالة من التشبع وصلت إلى حد الانعدام التام لأي عقار لإقامة أي مشروع سكني، بالنظر إلى قلة مساحة البلدية من جهة ووقوعها بين سدين، الأول يتمثل في البحر بالجهة الشمالية والثاني بالجهة الغربية والمتمثل في سلسلة الغابات الممتدة حتى بلدية سيدي عكاشة، وهو ما يعيق أي توسع عمراني للمدينة باستثناء الجهتين الشرقية والغربية وحتى هذه تبقى محددة بالنظر إلى التضاريس الواقعة بها هذه المناطق. وفي مجال السكن لم تستفد مدينة تنس منذ الاستقلال إلى يومنا هذا إلا من 2000 وحدة سكنية ذات طابع اجتماعي إيجاري، في الوقت الذي تسجل البلدية أكثر من 08 آلاف طلب على هذا النوع من السكن. كما استفادت البلدية من 1300 وحدة ذات طابع اجتماعي تساهمي، إلا أن ما يشغل بال مسؤولي البلدية هو أن أكثر من 70 بالمائة من شاغلي هذه المساكن ليسوا من سكان البلدية، حيث أن هذا النوع من السكنات كان يمنح حق التصرف فيه للمرقين العقاريين الذين كانوا يقومون بتحديد المستفيدين ممن يتوفرون على السيولة اللازمة لتمويل المشروع، بالإضافة إلى عدم اشتراط الإقامة بالبلدية آنذاك. ومؤخرا استفادت البلدية من 300 وحدة سكنية ذات طابع ترقوي مدعم و400 وحدة لوكالة ”عدل” بالإضافة إلى 260 وحدة سكنية ذات طابع اجتماعي إيجاري قيد الإنجاز. نقص المرافق وهياكل الاستقبال يعيق النشاط السياحي بالبلدية تعاني مدينة تنس الساحلية من قلة المرافق وهياكل الاستقبال، على غرار الفنادق والمخيمات الصيفية، حيث أن عدد الفنادق بهذه البلدية الساحلية التي تمتد على أكثر من 100 متر مكعب يعد على أصابع اليد الواحدة، بطاقة استيعاب ضئيلة جدا وغير مصنفة على الإطلاق، وحتى تلك الموجودة على وضعيتها المعروفة للعام والخاص لا تلبي الطلبات التي تتدفق على المدينة وخاصة في موسم الاصطياف، حيث يضطر الكثير من المصطافين إلى اللجوء إلى ”الإقامة عند القاطن” المنتشرة محليا بكثرة رغم عدم التصريح بها علانية أو العمل بها بصفة قانونية، حيث يفضل الكثير من المؤجرين لمساكنهم العمل بعيدا عن الرسميات خوفا من أي أعباء جبائية محتملة جراء هذا النشاط ”المربح”. وتسعى البلدية المصادقة على مشروعي منطقتي التوسع السياحي ب”ماينسي” و”الراغنية” في إقامة هياكل سياحية من فنادق ومرافق خدماتية إلى تعزيز قدرات المدينة من الناحية التجارية والاقتصادية وخلق فرص عمل لشباب المنطقة الذي يمثل 27 ألف نسمة من أصل أكثر من 43 ألف نسمة، وهو عدد سكان بلدية تنس. السعي لاسترجاع فندق ”كارتينا” يدخل المسؤلين المحليين أروقة المحاكم فقدت مدينة تنس الساحلية أحد أهم المؤسسات الفندقية التي اشتهرت بها المنطقة، المعروف بفندق ”كارتينا” على التسمية القديمة لمدينة تنس، بالنظر إلى موقعه الاستراتيجي، حيث يطل على مدينة تنس لوقوعه فوق هضبة تحيط بها أشجار الصنوبر الحلبي، حيث عرف هذا المرفق السياحي وضعا كارثيا جراء تعدد الوصاية على تسييره من مصالح البلدية إلى مؤسسة ترقية السكن العائلي سابقا بتيارت، والتي حلت مؤخرا، الأمر الذي أدى بالفندق الذي يتسع ل50 سريرا إلى الضياع والإهمال. وسعت مصالح البلدية مؤخرا لاسترجاع العقار الذي يمتد فوقه الفندق عن طريق العدالة حيث تعول البلدية - في حال استرجاع هذا العقار- المحافظة على طابعه السياحي بمنح عملية استغلاله عن طريق الامتياز لمستثمر سياحي. الميناء البحري.. المتنفس الاقتصادي الوحيد للمنطقة يعد ميناء تنس البحري أهم المنشآت الاقتصادية الحيوية بالمنطقة قاطبة، حيث يتجاوز نشاطه التجاري السنوي المليون طن من مختلف البضائع، سواء تلك الموجهة للصناعات التحويلية أو تلك المرتبطة بمواد البناء والمنتجات الفلاحية. حيث يعد الميناء الشريان الاقتصادي لمدينة تنس بفضل المداخل المالية التي يوفرها لخزينة البلدية من جهة ومناصب الشغل التي يوفرها لأبناء المنطقة من جهة أخرى، حيث تحول ميناء الصيد البحري بتنس إلى قبلة للفقراء والمعوزين والشباب البطال الذين يتسارعون إليه في كل صباح أملا في الحصول على بعض الأسماك التي يبيعونها ليضمنوا قوت يومهم، وهذا في غياب فرص عمل تؤمن لهم مستقبلهم في هذه المنطقة الساحلية. ويعتبر ميناء تنس البحري القطب الاقتصادي الحيوي بالمنطقة، إذ يضم نحو 27 قارب صيد من مختلف الأحجام موزعة مابين 18 سفينة ذات شباك مجرورة ونحو 52 قارب صيد للسردين و55 للمهن الصغيرة، فيما يقدر عدد عمال هذا القطاع ب2172 عامل، منهم 316 أرباب سفن و80 ميكانيكيا و1776 صياد، بإنتاج سنوي يقدر في المتوسط ب05 آلاف طن. يتوجه العشرات من من سكان المنطقة يوميا، مع تباشير الصباح الأولى، إلى ميناء الصيد بتنس لانتظار عودة قوارب الصيد محملة بمختلف أنواع الأسماك التي يخصص الصيادون جزءا يسيرا منها يتصدقون به على المعوزين، الذين يصطفون على قارعة الميناء بالميناء للظفر بقليل من السمك ليعودوا به إلى ديارهم. من جهة أخرى، فإن كثيرا من الشبان البطال وأرباب العائلات يلجأون إلى الميناء ليتجمعوا أمام مؤسسة ميناء تنس كلما حلت بالمرسى باخرة محملة بالسلع التي تتطلب اليد العاملة في تفريغها، لعلهم يحصلون على أجر يومي يتراوح بين 600 إلى 1200 دج حسب أوقات التفريغ. وتبقى أهم عقبة تواجه هذه المنشأة الاقتصادية الهامة بالنسبة لمدينة تنس هو ضيق الميناء، الذي لا يتسع اليوم لاكثر البواخر البالغ طولها 135 مترا وعدم تهيئة الرصيف الجديد على مساحة إجمالية تقدر ب03 متر مكعب، فضلا عن ارتفاع مستوى الطمي بالرصيفين القديم والجديد، حيث أن الأعماق الأصلية تقدر ب08 متر والحالية هي بين 05 و4.5 متر، الأمر الذي يصعّب من عملية الرسو.. ويأمل إطارات الميناء توسيع هذه المنشأة حتى تساهم على المدى المتوسط في الحركة التنموية بوسط غرب البلاد لاسيما بفضل إنجاز مجموعة من المشاريع الهامة المسجلة لفائدة المنطقة، والتي من ضمنها مشروع الطريق السريع الرابط بين ميناء تنس وولاية تيسمسيلت على مسافة 120 كلم بخط السكة الحديدية للربط بين الشلف وتنس على امتداد 53 كلم. وقامت مديرية الميناء بتوظيف 44 عاملا في العام الماضي ليرتفع عددهم إلى 355، وهذا العدد مرشح للارتفاع خلال السنة الجارية بعد الشروع في استغلال رصيف جديد يسع لاستقبال ثلاث سفن تجارية، لترتفع بذلك قدرات الاستقبال بالميناء إلى سبعة سفن عوض أربع سفن حاليا. للإشارة يعود إنجاز ميناء تنس إلى عام 1868م، ساهم كثيرا خلال هذه الحقبة في تصدير المنتجات الفلاحية والمنجمية بالمنطقة وجلب مواد البناء والمواد المصنعة، ويتوفر الميناء على حوض يتربع على 17 هكتارا بواسطة رصيفين وبرصيف رسو يصل إلى 400 متر مخصص للنشاط التجاري بقدرة 03 مواقع للرسو ورصيف خاص بنشاط الصيد بطول 366 متر ورصيف تجاري جديد بطول 200 متر، والذي هو في انتظار تأشيرة الاستغلال من قبل السلطات الوصية. مشروع الميناء التجاري الجديد.. بين الحلم والتجسيد اختيرت مدينة تنس منذ فترة لاحتضان مشروع ميناء تجاري بحري تم تحديد موقعه بهذه المدينة الساحلية ضمن برنامج الوزارة القاضية، بإنجاز موانئ بحرية تجارية كبرى على طول الشريط الساحلي الوطني، إلا أن تجسيد المشروع لايزال قيد الدراسة والتفكير. وتتحدث مصادر عن احتمال تحويل المشروع إلى ولاية مجاورة لأسباب غير معروفة.. وهو ما يطرح تساؤلات في الشارع التنسي عن جدور ربط ميناء تنس عبر طريق مزدوج باتجاه ولاية تسيمسلت إذا لم يجسد مثل هذا المشروع العملاق، الذي يمكن أن تكون له انعكاسات إيجابية على المنطقة ككل. ويبقى أمل سكان المنطقة الساحلية والولاية كبيرا في تجسيد هذا المشروع الذي سيعزز قدرات الولاية الاقتصادية. الاختناق المروري.. النقطة السوداء يعيش سكان مدينة تنس الساحلية مع بداية موسم الاصطياف من كل عام، مشكلا ظل يؤرق يومياتهم ويسبب لهم ولقاصدي المدينة الساحلية قلقا متزايدا بسبب الازدحام المروري بمداخل المدينة سواء من الجهة الجنوبية بالنسبة للقادمين من عاصمة الولاية بالشلف أو من الجهة الغربية بالنسبة للقادمين من بلديات المرسى وسيدي عبد الرحمن وحتى حدود ولاية مستغانم، حيث يفضل الكثير من المتجهين إلى الشرق استعمال الطريق الوطني رقم 11 باتجاه ولاتي الجزائر وتيبازة شرقا. ولم تفلح محاولات السلطات البلدية في تنظيم حركة المرور والتقليل من الازدحام المروري على مدار الساعة قبل تفعيل مخطط السير الجديد الذي هو قيد الإعداد، حيث لاتزال الطوابير الطويلة الممتدة أمام المدخل الجنوبي للمدينة السياحية والساحلية التي يقصدها مع بداية موسم الاصطياف الآلاف من المصطافين والسياح الراغبين في البحث عن الراحة والاستجمام عبر شواطئ المدينة، والتي تضم أكثر من 30 كلم من الشريط الساحلي التابع للولاية والمقدر ب120 كلم. وتعول السلطات المحلية على مشروع الطريق السريع الرابط بين مدينة تنس وولاية تسمسيلت على مسافة أكثر من 220 ملم مرور بعاصمة الولاية بالشلف، وهو ما من شأنه التخفيف من الضغط الملاحظ على الطريق الوطني رقم 19 الذي أضحى يضيق بالسيارات والمركبات ذات الوزن الثقيل، والتي تتجه في الأغلب إلى ميناء تنس البحري. منظر عام لمدينة تنس القديمة ”قصبة تنس” تشتهر مدينة تنس بقصبتها العتيقة المعروفة تاريخيا ب”تنس القديمة”، حيث يعود بناؤها إلى القرن السادس عشر، وتتكون من بيوت متراصة تشبه في تصميمها شكل قصبة العاصمة من حيث الأبنية والأزقة الضيقة، بالإضافة إلى مساجدها الثلاثة المشهورة بها أشهرها المعروف بجامع ”سيدي معيزة”، وهو ثالث أقدم مسجد بالجزائر، ويعود تاريخ تأسيسه إلى القرن التاسع للميلاد على يد الفاطميين وبأمر من الخليفة المعز لدين الله الفاطمي. وتشتهر أيضا تنس بمينائها القديم الذي يعود للعهد الفينيقي، والذي أعاد بناؤه الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر مع منارة برج تنس المعروفة محليا ببرج الفنار. وقد تم تخصيص مبلغ 120 مليون دج للدراسة التقنية لوضعية آثار مدينة تنس العتيقة، بالإضافة إلى 280 مليون دج لعميلة الترميم التي ستستفيد منها المساجد العتيقة والممتلكات السكنية ب المقدرة ب216 بناية أثرية.