اجتمع كيري ببعض الزعماء العرب في “قمة الوقاحة” لإملاء الأوامر عليهم للشروع في تنفيذ ما بقي من المخطط الأمريكي في الشرق الأوسط، ولتوجيه الضربة القاضية إلى سوريا بعدما استعصى على أمريكا وحلفائها من المعارضة وعلى السعودية وقطروتركيا مجتمعين الإطاحة بالأسد. من يتذكر السنة الماضية في مثل هذا التوقيت لما فشل أوباما في استصدار قرار من الكونغرس يسمح له بضرب سوريا؟ الآن وجد أوباما والمخابرات الأمريكية طريقة لحمل الكونغرس على الموافقة، وهي التضحية الحقيقية أو المزعومة بصحفيين أمريكيين لأن هناك من يشكك في حقيقة مقتلهما من قبل “داعش”، إضافة إلى توسيع موجة الهلع والترهيب من “داعش” عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر ما تقوم به من قطع للرؤوس، وسبي واختطاف وتنكيل قبل أن تضع العالم برمته أمام الأمر الواقع، وهو وجوب محاربة “داعش”. لا داعي للقول إن “داعش” هي صنيعة أمريكا، وكانت وماتزال حليفة لها. ولما يقول كيري إن ممارسات “داعش” منافية لتعاليم الدين الإسلامي، ولم ينقص إلا أن يعتلي مثل لورانس العرب المحراب ليلقي درسا أمام المصلين، فهو يجهل أو يتجاهل ما معنى الوهابية المذهب الذي يضطهد بكل مشروعية السعوديين، والسعودية الحليف الأمريكي في هذه الحرب الأكذوبة، فهي من مولت مع قطر “داعش” وأخواتها، لإشاعة الفوضى في العراق والشام والمنطقة العربية، لإعطاء أمريكا فرصة لتنفيذ مشروعها التسلطي هناك. فمن المضحك أن تتحالف قطر والسعودية وتركيا لمحاربة هذا التنظيم، وهم من صنعوه، بتمويل قطري سعودي، ودعم لوجيستيكي تركي، وأمريكا هي من أعطت الضوء الأخضر لانتشار “داعش” ومرافقتها بدعاية إعلامية رهيبة، فكيف نصدق اليوم أنها تحارب البغدادي ورجاله؟ فقد نشرت مؤخرا صحيفة “نيوزويك” تقريرا عن تركيا يقول إن “داعش” تجند المئات من الشباب جهارا نهارا في إسطنبول وأنقرة، والشرطة لا تحرك ساكنا ولا تهتم بإبلاغات المواطنين عن ذلك!؟ وهذا كاف عن حقيقة نوايا المتحالفين، وهو توجيه ضربات إلى سوريا، والتخلص من بشار الأسد، وفتح سوريا نهائيا أمام الفوضى مثل تلك الحاصلة في العراق منذ أزيد من 11 سنة. فحجة ضرب “داعش” بين أعداء سوريا هي مؤامرة مفضوحة يجب التعامل معها بحذر، ومصر محقة لما رفضت المشاركة في هكذا مغامرة. “داعش” اليوم، هي القاعدة أمس، والبغدادي الذي نشرت مواقع التواصل الاجتماعي صورا له مع ماك كين في سوريا، قبل أن يتحول إلى سفاح بإذن طبعا من أمريكا، هو بن لادن الأمس، فمن يصدق أن أمريكا قتلت بن لادن ولم بن لادن الذي اختاره بوش ليكون رمزا للشر الذي على أمريكا محاربته، وهو ابن عائلة صديقة لعائلة بوش وشريكة لها في الأعمال؟! “داعش” شر من شرور أمريكا الذي ابتلت به منطقتنا العربية والإسلامية، وهو الذريعة التي ستفتح أمامها الباب لضرب أي بلد أرادت باسم ملاحقة عناصرها، وقد صورتها وسائل إعلامها أنها جيشا أكبر عددا وعدة من الجيوش النظامية، فهل كانت ستكون بهذه القوة لو لم تجد الدعم من أمريكا؟ آخر الأخبار تقول إن “داعش” تمتلك طائرات بدون طيار، فهل فسرت لنا أمريكا ومخابراتها من أين ل”داعش” هذا؟ ومن أين لها كل هذا السلاح لو لم تكن أمريكا راضية عن انتشارها وتسليحها؟! متى تكف أمريكا هي وحلفاؤها عن استغبائنا؟ ونفس المنطق ينطبق هنا في الجزائر على زيارة وزير الدفاع الفرنسي الذي يزورنا منذ أمس لحمل الجزائر على المشاركة في الحرب على دواعش ليبيا، بعدما تورطت بلاده في هذا المستنقع، فاللعبة واضحة لجر الجيش الجزائري إلى هناك لتفكيكه وبعده يتم تفكيك الجزائر مثلما فككت ليبيا والعراق قبلهما.