منظمات مغربية حرية التعبير قي البلاد أصبحت جريمة    وزير الطاقة يعرض مشروع قانون ينظم النشاطات المنجمية    الإعلان عن رزنامة اجتياز امتحاني البكالوريا والبيام 2025    اللحم الحلو يجمع الجزائريين في رمضان    المنشورالدينية تغزو الوسائط الاجتماعية    قرار صيام المريض من صلاحية الطبيب    وحدة المضادات الحيوية ستشرع في الإنتاج جوان المقبل    شراكة جزائرية- صينية لصناعة قطع غيار السيارات    اجتماع ثلاثي جزائري- تونسي- ليبي    تنويع التعاون الاقتصادي هدف استراتيجي للجزائر وإيطاليا    لجنة خاصة للتكفّل الأمثل بالحجّاج في المطارات    المغرب يعيش على وقع تفاوت اجتماعي صارخ    مدرب الأهلي السعودي يشيد برياض محرز    الأنصار يطالبون بالنتائج الإيجابية    الفرنسيون يضغطون على مدرب مرسيليا بسبب بن ناصر    مجلس الأمة يشارك في اجتماع لجنة الاتحاد البرلماني الدولي    الجزائر وسبع دول تقرّر تخفيف خفضها الطوعي للإنتاج    بوغالي يحضر اجتماع لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية    حلويات رمضان بأسعار خيالية!    وفرة في الحافلات والتزام بالمواعيد في رمضان    خلية يقظة لمراقبة تموين السوق المحلي    "آثار تخترق الزمن" يفتتح موسم رمضان    "بنات المحروسة" و"اللي فات مات" على منصة "شاهد"    صلاة التراويح تحمي من الأمراض    صلاة التراويح في مساجد مدمَّرة وصنع القطايف وسط الركام    تحذيرات من عواقب منع إدخال المساعدات إلى قطاع غزة    ضرائب: اطلاق يوم الأربعاء منصة رقمية لاقتناء قسيمة السيارات عن بعد    حرية التعبير أصبحت جريمة في المغرب!    الجزائر وإيطاليا ملتزمتان بتعزيز الشراكة    عطاف يدعو الى الالتفاف حول الشعب الفلسطيني لدعم تثبيت وقف إطلاق النار وجهود اعادة الاعمار    فرنسا تحاول لعب دور الضحية    المؤتمر العالمي للهواتف المحمولة برشلونة 2025: الجزائر تعزز شراكاتها في مجال التكنولوجيات    اجتماع ثلاثي جزائري-تونسي-ليبي بالقاهرة قبيل انطلاق أشغال القمة العربية الطارئة    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48405 شهداء و111835 جريحا    الجزائر تعرب عن قلقها إزاء تفاقم الوضع الإنساني في فلسطين والإنتهاكات الممنهجة في الصحراء الغربية    رمضان 2025 : الديوان الوطني للخدمات الجامعية يسطر برنامجا خاصا لفائدة الطلبة    نشرية خاصة : أمطار رعدية مرتقبة على عدد من ولايات الوطن ابتداء من يوم الثلاثاء    وزارة التربية الوطنية تعلن عن رزنامة الامتحانات للسنة الدراسية 2025/2024    جامعة وهران 1 "أحمد بن بلة" في المرتبة الثانية وطنيا حسب تصنيف "سيماجو" الدولي    المهرجان الثقافي الوطني للعيساوة بميلة: انتقاء 14 فرقة وجمعية للمشاركة في الطبعة ال14    كرة القدم : انطلاق المرحلة الثالثة من تكوين مشغلي نظام حكم الفيديو المساعد "الفار"    التلفزيون الجزائري يحيي السهرات الغنائية "ليالي التلفزيون" بالعاصمة    كرة القدم/ تصفيات كأس العالم 2025: المنتخب الوطني للإناث يباشر معسكره التحضيري تحسبا لمقابلة بوتسوانا    سعيود يترأس اجتماعا ليرى مدى تقدم تجسيد الترتيبات    الغذاء الأساسي للإعلام في علاقته مع التنمية هو المعلومة    رمضان فرصة لإزالة الأحقاد من النفوس    السيادة للعروض المسرحية    موسم الحج 2025: السيد سعيود يسدي تعليمات للتكفل الأمثل بالحجاج على مستوى المطارات    اليوم العربي للتراث الثقافي بقسنطينة : إبراز أهمية توظيف التراث في تحقيق تنمية مستدامة    المدية: وحدة المضادات الحيوية لمجمع "صيدال" تشرع في الإنتاج يونيو المقبل    فتاوى : المرض المرجو برؤه لا يسقط وجوب القضاء    وزارة الثقافة تكشف عن برنامجها خلال شهر رمضان    وزارة الثقافة والفنون: برنامج ثقافي وفني وطني بمناسبة شهر رمضان    كرة القدم داخل القاعة (دورة الصحافة): إعطاء إشارة انطلاق الطبعة الرابعة سهرة اليوم بالقاعة البيضوية بالعاصمة    صلاة التراويح    ذهب الظمأ وابتلت العروق    مولودية الجزائر تعزّز صدارتها    العنف يتغوّل بملاعب الجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الإستعمار سعى لطمس العربية والإسلام ونحن تعلمنا لغة القرآن لتلاوته"
جزائريات حرمهن من التمدرس يفتحن قلوبهن ل"الفجر":
نشر في الفجر يوم 30 - 09 - 2014

هنّ نسوة وجدن اليوم ما حرمن منه خلال فترة الاستعمار الفرنسي، يعشن اليوم فرقا أحدث تميزا في حياتهن.. فمن فتيات كن في سن التمدرس خلال اندلاع الثورة الجزائرية ورغم ذلك ذقن طعم الأمية المر على يد المستدمر الفرنسي، إلى مسنات متعلمات في كنف الاستقلال.
”الفجر” ارتأت أن تنقل شهادات جزائريات حرمن من الدراسة وكن في سن التمدرس خلال اندلاع الثورة التحريرية، ولظروف معينة لم يتمكنّ من الالتحاق بمقاعد الدراسة، أو إكمال دراستهن. وبعد أن استقلت الجزائر وجدن أنفسهن على أبواب الزواج. في تلك الفترة كان سن الزواج يتراوح بين 10و16سنة، انشغلن بحياتهن وبإعداد النشء وتربيته، فكانت إحدى المهمات النبيلة التي تطلبتها مرحلة الاستقلال.. أنهين مسؤولياتهن وواجباتهن...وتفرغن لحلمهن في التعلم.
المثير للإنتباه في شهادات السيدات الفاضلات أنهن أردن محو أميتهن بتعلم اللغة العربية وأمنياتهن أن يتوفهن الله وهن يحفظن القرآن الكريم. والتاريخ يسجل لفرنسا المستعمرة تعمدها طيلة فترة احتلالها واستدماها طمس هوية الجزائريين، لغتنا العربية والإسلام.
الحاجة يمينة، 71سنة:
”معلمتي قالت لي لن نمنحك المرتبة الأولى لأنك من الأنديجان”
عندما تحصلت الحاجة يمينة، 71 سنة، من بلدية مناصر ولاية تيبازة، على شهادة التحرر من الديوان الوطني لمحو الأمية، كان شعورها أشبه بشخص مكفوف تمكن أخيرا من الرؤية، يعود بها الزمان إلى سن الحادية عشرة من عمرها، وهي نفس السنة التي اندلعت فيها الثورة التحريرية المباركة. تقول الحاجة يمينة:”رغم حداثة سني إلا أني أتذكر جيدا ملامح الاستعمار الفرنسي التي لا زالت عالقة لحد اليوم في ذهني، أتذكر كيف أخذوا والدي وكيف تعرض للضرب، ولا زلت لحد اليوم أرى بوضوح آثار تعذيبه بالكهرباء”.. ذكريات يمينة الطفلة لا تحتفظ بهذه الصورة فقط، وإنما ظلت صورة أبناء المستعمرين وهم يقصدون مدارسهم وهي قابعة في مكانها تطاردها في مراحل حياتها إلى غاية أن تمكنت وهي في سن السبعين، من طرد حلم يقظتها المزعج مع أول خطوة خطتها باتجاه محو أميتها وجهلها للقراءة والكتابة.
وتأخر التحاق الحاجة يمينة بصفوف محو الأمية إلى غاية بلوغها العقد السابع، بسبب انشغالها بعد زواجها بتربية أبنائها ورعاية شؤون بيتها. وتقارن لنا الحاجة يمينة حياتها أثناء الاستعمار وفي عيشها في كنف الاستقلال، حيث تقول:”كنت رغم صغري سني أحس بضيق الحياة ونحن تحت وطأة الاستعمار، واليوم ومهما ضاق بي الحال إلا أنه بعد أن تمكنت من التعلم وجدت نفسي وأنا في الواحدة والسبعين من عمري أقرأ وأكتب حروفا وجملا.. اتسعت الحياة في نظري، لم أذق في طفولتي طعم السعادة أوالفرح، لكن اليوم أنا جد فرحة بمحو لأميتي وتحرري من جهلي، فاليوم أحيا فرقا بين يمينة الطفلة الأمية وقت الاستعمار، ويمينة المسنة المتعلمة في كنف الاستقلال، وسعادتي اليوم تكمن كلها في أنني أستطيع قراءة القرآن الكريم وأمنيتي أن أحفظ آياته”.
الحاجة عائشة، 75 سنة:
”أطير بفرحي بالإستقلال وبتحرري من الأمية”
كان للحاجة عائشة، 75 سنة، من بلدية بوسماعيل، حظا ضئيلا من التمدرس. صحيح أنها التحقت بمقاعد الدراسة وهي في سن التمدرس، وتمكنت من تعلم الفرنسية، لكن تقول الحاجة عائشة أنها تحتفظ عن المدرسة الفرنسية بذكريات سيئة..”أتذكر جيدا كيف أخبرتني معلمة الابتدائية بحقيقة صدمتني كثيرا عندما قالت لي بأني تلميذة نجيبة لكن لا يمكنني أن أمنحك المرتبة الأولى لأنك من الأنديجان”. التمييز لم يقف عند هذا الحد، بل وصل إلى درجة أن مديرة المدرسة كانت تبحث دائما عن سر تفوقنا نحن التلاميذ الجزائريين رغم قلتنا في مادة التعبير الكتابي عن نظرائنا الفرنسيين”.
بعد الاستقلال لم تتمكن من متابعة دراستها لأنها تزوجت وباتت تضطلع بمهمة تربية أبناءها ورعاية شؤون منزلها العائلي.. ”كبر الأبناء وأتممت واجبي معهم والحمد لله، لكن شعلة العلم بقيت متوهجة في قلبي وروحي، وقررت محو أميتي وتعلم اللغة العربية، وعندها أحسست بشيء عظيم وفرق كبير في أن تدرس في وطنك وأنت تحت وطأة الإستدمار وبين أن تدرس في وطنك وأنت تنعم بالإستقلال، واليوم وأنا أدرس لم أصبح ”أنديجان” وإنما الذين يدرسونني اليوم هم من أهلي”.
الحاجة خدوجة، 73سنة:
”مصرية عايرتني وقالت لي أنتم الجزائريون كلكم أميون”
تتذكر خالتي خدوجة، من بلدية بوهارون، صغرها وهي بعيدة عن مقاعد الدراسة تعيد شريط ذكرياتها إلى الوراء وتقول:”عندما كنت في سن التمدرس لم ألتحق بالمدرسة، أهلي كانوا يرفضون فكرة تمدرس البنت بسبب الحشمة والخوف معا، بعد الإستقلال تزوجت.. واهتممت بواجباتي تجاه أسرتي، عندما وصلت سن الستين حصدت ثمرة مجهوداتي، أبنائي كبروا وأسسوا حياتهم الخاصة، وبعدها وفقني الله لزيارة بيته فكانت نقطة البداية. في الحج التقيت بامرأة تفوقني سنا من جنسية مصرية، عندما صلينا الفجر أخرجت مصحفا وبدأت تقرأ كتاب الله، قبل أن تلتفت إلي وتطلب مني أن أفعل مثلها، وعندما أخطرتها أنني لا أعرف القراءة، صدمتني بردها كثيرا حين قالت لي ”أنتم الجزائريون كلكم أميون”، تخيلي شعوري، وعندما عدت للجزائر أخطرت عائلتي بالموضوع، حيث اقترحت زوجة ابني أن ألتحق بصفوف محو الأمية، فأضحى زوجي رحمه الله يأخذني للدراسة ويعيدني منها، واليوم أنا أحس أنني خرجت من الظلمات إلى النور، بعد أن تمكنت من القراءة والكتابة، من ظلمة تسبب فيها المستعمر الفرنسي الذي حرمنا من حقنا في التعلم إلى النور الذي أضاءته لنا الجزائر المستقلة بتحريرنا من الأمية”.
لحاجة زهية، 65 سنة: ”استقللنا من استعمار الجهل والأمية”
تمكنت الحاجة زهية، 65 سنة، من الالتحاق بالمدرسة الفرنسية، لكن فور اندلاع الثورة التحريرية المجيدة ”أجبرني أبي على مغادرة الدراسة، بسبب الخوف علي من غدر المستعمر، عندما وقعت الجزائر شهادة استقلالها بدمها بلغت سن الزواج، تزوجت واهتممت بشؤون منزلي، عندما كبرت ذهبت إلى زيارة البقاع المقدسة، وهناك رأيت الناس يسلكون مقاصدهم بقراءتهم للوائح التي تشير للطرقات، ووجدت الكل يقرأ القرآن ويختمه، وأنا أشبه بالأطرش في الزفة، ومن حسن حظي أني التقيت بامرأة جزائرية تفوقني سنا تقطن في الحراش، حكت لي قصتها مع محوها لأميتها بعد أن التحقت بالمسجد، وعندما عدت للجزائر طلبت من زوجي أن يمنحني موافقته للالتحاق بصفوف محو الأمية بالجام .. حينها ضحك علي وتساءل كيف لي أن أتعلم وأنا مريضة بالسكري والضغط والقولون، ورغم المرض لم يثن ذلك من عزيمتي، حيث ساعدني أولادي في إقناع والدهم لأتمكن في الأخير بالالتحاق بصفوف محو الأمية، وأحمد الله أنني اليوم تمكنت من ختم المصحف الشريف”. وتضيف الحاجة زهية أن المستعمر الفرنسي جعلنا أميين وجهالا بلغتنا وديننا، واليوم تحولت النقمة إلى نعمة، بفضل الله ثم بفضل توفير الدولة الجزائرية لكل الظروف للتعلم بما فيها الديوان الوطني لمحو الأمية، والجميل في كل هذا أنه مهما كان سنك كبيرا تستطيع أن تتعلم، عكس ما كان في فترة الإستعمار، حيث التاريخ يشهد لها تمييزها وتفريقها بين التلاميذ الجزائريين والفرنسيين. وحكاية زوجي خير مثال فقد تم منعه رفقة أقرانه من اجتياز شهادة التعليم الإبتدائي، رغم تفوقه في الدراسة، والآن وفي كل يوم يمر من تخلصنا واستقلالنا من استعمار الجهل والأمية، نحمد الله كثيرا على فرحة محو الأمية التي سببها لنا المستعمر الفرنسي”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.