هنيئا لمجلس التعاون الخليجي على لم الشمل، وعن عودة سفرائه إلى الدوحة، وعن نبذ كل الخلافات بين بلدانه بعد فترة فطام لم تدم طويلا. هنيئا لمصر بهذه “الإكرامية” من العاهل السعودي الذي يبدو أنه سعى وأجهد نفسه واجتهد لحسم الخلافات بين قطر وبلدان الخليج الأخرى، من أجل مصر، ومن أجل حل كل الخلافات التي كانت قائمة بين الدوحة والقاهرة حتى من قبل “الثورة”. وهذا ما نفهمه من رسالة العاهل السعودي أمس، إلى مصر في بيانه الصادر إثر اتفاق المصالحة الخليجية مع قطر، يدعوها ويدعو إعلامها إلى قبول هذه المصالحة والعمل على إنجاحها. وقال إنه يتطلع إلى لم الشمل العربي وإلى حقبة جديدة لطي الخلافات. هنيئا إذا لمصر، لكن ماذا عن سوريا يا جلالة الملك؟ وماذا عن العراق الذي دمرته أمريكا بمباركتكم؟ ها قد مرت سنوات على سقوط صدام الذي أخطأ في حق الكويت وظلم وتجبر، لكن هل يستحق العراق كل هذا؟ هل يستحق كل هذا الدمار والقتل ويستحق شعبه كل هذه المعاناة والفجائع؟ ماذا عن سوريا التي ما زالت محط تآمركم عليها؟ وما زلتم تموّلون وتسلّحون معارضتها وتطلبون رأس الأسد، ولم تهزكم مناظر الدمار والانهيار والخراب الذي حل بالشام؟! أليست سوريا عربية تماما مثل مصر؟ ألم تكن ركيزة من ركائز هذا الوطن الذي تدعون اليوم إلى العمل على لم شمله؟ شمل ماذا الذي تريدون لمه اليوم؟ هل بعراق يواجه التقسيم، وتسلب يوميا حرائره وتساق لتباع في أسواق العبيد، ويذبح علماؤه، وتنهب ثرواته؟ كل يوم تفجيرات في العراق العربي. ألم يدفع بعد ثمن جرم صدام؟ ثم متى ترفعون يدكم عن سوريا، فمندوبكم في الأممالمتحدة ما زال يتوعد رئيسها، مع أن أربع سنوات من العدوان والحرب المتعددة الجنسيات التي تقودونها ضده لم تنل منه، وما زال الكثير من مواطنيه متمسكين به، حتى أولئك الذين كانوا يعارضونه ثم تراجعوا بعد أن فهموا المؤامرة؟ كيف يكون لم الشمل وليبيا منهارة ولم تجد بعد السبيل للم شملها؟ فكل يوم اغتيالات وتفجيرات حتى صارت نسخة من العراق، مع أن القذافي لم يعد موجودا؟ ألم تمولوا وتسلحوا المرتزقة للإطاحة بالقذافي. فكيف سيكون لم شمل الوطن العربي وبلدانه لم تعد تعرف كيف تلم شمل شعوبه. وها هي الطائفية والقبلية تفجر وحدتها وتسلخ جزءا كبيرا منها وتسحبها من اسم العروبة؟! أخاف أن يكون قد فات الأوان يا جلالة الملك، أضراركم هدمت الأسس وفرقت بين الأشقاء، وأعادت شعوبنا إلى العصور الحجرية، فكيف ستلم الشمل وداعش بيننا تقترف في حق شعوبنا كل يوم المجازر المروعة؟! من أين لنا إذا بلم الشمل ونحن لم نكن بهذه الفرقة أبدا؟!