الجمهور هو فاكهة الملاعب وغيابه يجعل المدرجات أشبه ب”الصحراء القاحلة” لا حياة فيها، ويقلل من مستوى الشحن النفسي والمعنوي عند اللاعبين، الذين قد يعتقدون أنفسهم في ”حصة تدريبية” وليس مباراة رسمية، مع أن بعض المباريات المحلية لا يكاد يحضرها أحد لغياب شعبية الفريقين المتباريين. من المؤسف أن تضطر لجنة العقوبات التابعة للرابطة المحترفة إلى إشهار ”سيفها” في وجه الأندية، وإقامة ”مباريات من دون جمهور” ليس ”اختراعا”، وإنما تنفيذا لتعليمات كانت تطبق تارة ويتم تجاهلها تارة أخرى، ولعل إقامة مباريات كبيرة يحلم بها ويترقبها كل متتبعي الكرة كداربي العاصمة بين المولودية وسوسطارة أو داربي الغرب بين لازمو والحمراوة من دون جمهور، يعطي التذمر الكبير والسبب واحد. مثل هذا القرار الصعب يحظى دوما بالاختلاف في وجهات النظر بين مؤيد ومعارض، فالمؤيد يراه عقوبة شديدة قد تجعل المسيء من الجمهور يعيد النظر فيما ارتكبه، وقد يجعل الأندية تمارس دورها التوعوي والضغط على روابط المشجعين، أما المعارض فيرى فيه عقوبة تساوي بين مصالح ومصالح كما أنه يقلص من فرص الربح لمستثمري بيع بطاقات الدخول، وإن كان من المؤكد أن مثل هذا القرار يحدث في مختلف ملاعب العالم سواء كانت متقدمة أو متخلفة كرويا. داربي العميد وسوسطارة ينتظره الجميع لكن مصيره مدرجات شاغرة لطالما كانت مباريات البطولة المحترفة الأولى تستهوي الكثير من المتتبعين نظرا لأهميتها إلى أنها باتت مؤخرا تأخذ مجرى جديد نظرا للمستوى المتدني إلى أن كلاسيكو الجزائر يبقى المفضل دون منازع وينال أكبر مشاهدة نظرا للفرجة التي يصنعها أنصار الناديين العاصميين سواءا الشناوة أو المسامعية إلى أن المؤسف هذه المرة هو حرمان محبي الفريقين وحتى المشاهد الذي ينتظر هذا الداربي بكل شغف من متابعة لقاء الغريمين التقليديين نظرا للعقوبة المسلطة على مولودية العاصمة لسبب لم يتجرعه الكثيرون نظرا لرمي قارورة مياه والتي كانت دافع للجنة العقوبات بحرمان محبي الفريقين من متابعة الفرجة. لقاء جمعية وهران ومولودية وهران تحول من داربي الغرب إلى مباراة للنسيان في المقابل حتى داربي الغرب بين مولودية وهران وغريمه جمعية وهران حرم أنصار الناديين العريقين من حضوره بسبب رمي الفريق الأخير للألعاب النارية ما كلفه عقوبة الحرمان من جمهوره فاقدا بذلك نكهة المباراة التي لطالما تمنى جمهور الناديين التلاقي من جديد بعد فترة غاب عنها لازمو بسبب تواجده في الرابطة المحترفة الثانية إلا أن الحلم تبخر هذه المرة بسبب قرار انضباطي ما انقلب اسمه من داربي الغرب إلى مباراة ودية نظرا لغياب الروح على الميدان. ميزانية النوادي في المحك في ظل استمرار هذه الظاهرة ولعل الخاسر الأكبر من اللعب دون جمهور يبقى الفريق الذي يلعب دون روح نظرا لعدم وجود حماس يجعله يعطي ما لديه في المبارة إلا أن أمرا آخر يدخل ضمن سلبيات هذه القضية ويكمن في النوادي التي تتعرض إلى خسائر كبيرة جراء هذه الظاهرة فالفريق الذي يتم معاقبته يجد نفسه يخسر الكثير من الأموال على غرار مداخيل اللقاءات ومدى حضور الجماهير إضافة إلى عائدات النقل التلفزيوني فمباراة أيا كان حجمها كداربي العميد والاتحاد لم ينقل على القنوات التلفزيونية نظرا لكونه أجري دون جمهور ما جعل الخاسر الأكبر هو الفريق المستقبل الذي خسر عائدات النقل والأكيد أن العنف الذي بات سائدا في ملاعبنا لابد من الحد منه قبل فوات الأوان فالتعقل بات مطلوبا في مختلف ملاعبنا لتفادي هذه الظاهرة التي أصبحت تستهدف ببطولتنا. التوعية باتت مطلبا رئيسيا لتفادي العقوبات وحرمان المناصر من الفرجة الأكيد أن للمناصر دور بارز في انتشار ظاهرة العنف بالملاعب فهو لا يتقبل الهزيمة في الديار يعبر عن غضبه بتكسير الكراسي ورمي القذوفات ما يجعل فريقه يدفع الفاتورة دائما بتعريضه للعقوبات ولهذا فإن لجان الأنصار عليها أن تكون فعالة من أجل القيام بعملية التوعية لأن دورها في الفترة الحالية لا نشاهده بسبب غياب الإمكانيات التي تسمح لها بذلك ولهذا يجب أن توفر لها كل الشروط بداية من المقر وغيرها من الأمور الأخرى لكي تكون أكثر فعالية كما أن إدارة الملعب لها دور هي الأخرى وعليها أن تراعي كل الشروط اللازمة من أجل السماح للمشجعين بالدخول إلى المدرجات في ظروف جيدة ومن دون وجود أي أمور خارجة عن الإطار الرياضي والتفتيش الصارم لمنع إدخال الألعاب النارية. أكيد أن ما قامت به لجنة العقوبات التابعة للرابطة المحترفة من قرارات قد لا يعجب الكثيرين على اعتبار أن ثمة حلولا أخرى يمكن اتخاذها لمعالجة مثل هذه الآفات، ولكن لنجرب مرة واحدة انعكاس غياب الحضور الجماهيري عن مثل هذه المباريات وكيف سيتصرف اللاعبون مع بعضهم البعض، في ظل غياب الهتافات التشجيعية لعلها ستكون مملة ما قد يلجأ المسؤولون على كرة القدم الجزائرية إلى النظر من جديد في هذه القضية رغم أن رئيس الرابطة محفوظ قرباج استبعد فرض عقوبات بديلة للويكلو في حال تواصل أعمال الشغب والعنف التي تطال معظم مباريات البطولة.