تضاعفت ضغوطات التهديدات الأمنية العابرة للحدود على الجزائر التي تقف وكأنها “مسيجة” بمعضلات التهريب، الإرهاب والحرڤة، أفرزتها تحديات جيوسياسية ولدت بدول الجوار ولا سيما منها مالي وليبيا وتونس. ويقرأ محللون الاستنزاف الخطير عند الحدود خلال عام 2014، الذي حتّم نشر المزيد من قوات الجيش الوطني عليها، أنه يصب في خانة إقحام الجزائر في مستنقع اللااستقرار بعد خبرة 20 سنة في مكافحة الإرهاب بزعزعة استقرار المناطق الحدودية، إذ لم تعد عملية توقيف مهاجرين أفارقة عند حدود البلاد أو بولايات الجنوب أمرا جديدا، لكن مسألة الخطر الأمني الذي يحمله هؤلاء على الجزائريين ارتفع معدلها مع تسجيل زيادة بنحو 80 في المئة من توافد مهربي البشر والأسلحة والمخدرات، حسب تقارير أمنية خلال السداسي الأول من 2014 والذين يتخفون برداء “الحرڤة”. وتدفق “الحراڤة” من أسبابه الأساسية التدهور الأمني الذي تعيشه بعض الدول وانعدام الفرص الاقتصادية والفوضى التي تعيشها هذه الأخيرة، وهو ما يبين فشل الاستراتيجيات الإقليمية التي تعتمد على المقاربة الأمنية بدل المقاربات الاقتصادية في الحيلولة دون تحول المنطقة إلى “ملاذات آمنة” للحركات الإرهابية التي تصطاد في مياه الوضع الاجتماعي الهش لدول إفريقية، على غرار ماليالنيجر وموريتانيا، وهي من ضمن البلدان الأعضاء إلى جانب الجزائر فيما يسمى بلجنة الأركان العملياتية المشتركة، الكائن مقرها في تمنراست والتي من مهامها “القيام بعمليات بحث وتحديد تواجد الجماعات الإرهابية، والقضاء عليها باستخدام الوسائل المسخرة للجانب العملياتي”. ولكن يبدو أن الآلية معطلة بفعل افتقار بلدان جنوب الصحراء إلى وسائل وتقنيات عسكرية متطورة حالت دون التمكن من ضبط الحدود الملتهبة التي سهلت من تدفق قوافل من الحراڤة بأعداد هائلة إلى الجنوبالجزائري. ومثل هذه الأرقام تعكس الضغط الذي تتكبده وحدات الأمن المرابطة على الحدود مع كل من ماليوالنيجر وتونس وليبيا والمغرب من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية وإحباط محاولات اتخاذ الأراضي الجزائرية طريقا لتهريب الأسلحة إلى إرهابيين في دول الجوار المضطربة أمنيا، إذ أن جنسيات الحراڤة تمتد إلى دول في العمق الإفريقي. ولعل غياب حرس الحدود من مساحات شاسعة بالنيجرومالي وليبيا بسبب الاضطرابات السياسية بهذه الدول، حولها إلى لقمة سائغة لعصابات التهريب التي تعمل مع مليشيات مسلحة وحركات إرهابية تسهل عملية العبور إو الدخول إلى الجزائر أو إلى الدول المجاورة، مقابل عمولات بالأورو. وكثيرا ما يشكو حرس الحدود الليبي من غياب الإمكانيات العسكرية اللازمة لمراقبة الشريط الحدودي، بينما تتكفل قوات فرنسية بملاحقة قوافل من الجماعات الإرهابية شمال مالي. كما يستغل المهربون تدهور الأوضاع الأمنية في كل من دولة مالي وليبيا وتونس، لتكثيف نشاطهم الإجرامي بتسهيل من التنظيمات الإرهابية النشطة بالمنطقة ولمحاولة إدخال الأسلحة إلى البلاد.