كشفت وثيقة سرية حول الحوار المالي ”المتعثر”، في الجزائر، تم نشرها أمس، دورها كراع للتسوية المرتقبة المزمع أن تستأنف شهر جانفي المقبل أن ورقة الوساطة كانت تميل لحكومة باماكو. كشف الباحث الموريتاني سيد اعمر ولد شيخنا، عن سلسلة من الوثائق الكاشفة لتفاصيل التفاوض الجاري بين الحركات الأزوادية والحكومة الماليةبالجزائر. وحسب ولد شيخنا في بحث نشره موقع ”الجزيرة” للدراسات، فإن الوثائق التي بحوزته تكشف مستوى الهوة الشاسعة بين المتحاورين، رغم الدور الذي تلعبه الجزائر كراع للتسوية المرتقبة، والمساعدة المقدمة من بعض الأطراف الأخرى. ويقول الباحث إن ورقة الوسطاء كانت أكثرا ميلا للحكومة المالية، وأبرز ما نصت في بنودها التشديد على احترام الوحدة الوطنية، والوحدة الترابية، وسيادة دولة مالي، وكذلك الشكل الجمهوري والعلماني لها. كما حثت على احترام والحفاظ على التنوع الثقافي والحفاظ على التنوع الثقافي واللغوي، وتعزيز مشاركة كل مكونات شعب مالي خاصة النساء والشباب في مشروع بناء الوطن، إلى جانب قيام السكان بإدارة فعلية لشؤونهم الخاصة عن طريق نظام حكم يأخذ بعين الاعتبار آمالهم وحاجاتهم الخاصة، فضلا عن القيام بتنمية متوازنة في جميع أقاليم مالي مع الأخذ بعين الاعتبار أوضاعها الخاصة. غير أن المفاوض الأزوادي قرر تجاوز العموميات وطرح نقاط تفصيلية في المجال السياسي، أبرزها، وفق المصدر ذاته، أن يعرف أزواد - خارج نطاق التعريف المادي - بأنه إقليم جغرافي سياسي في الحدود الترابية الإدارية الحالية لولايات تمبكتو، وڤاو، وكيدال، وتاودني، ومنكه، ودائرتي بوني، وهومبوري. أما الدولة الاتحادية: فيُعتَرف بإقليم أزواد الموصوف على النحو المحدد أعلاه من قبل دولة مالي باعتباره دولة اتحادية تشكَّل معها اتحاد مالي. وبخصوص الدولة المتحدة: دولة أزواد الاتحادية، ودولة مالي الاتحادية تشكِّلان معاً دولة اتحاد مالي. وتابعت الورقة البحثية أن الخلاف انسحب أيضا علي القضايا العسكرية والأمنية، حيث نصت وثيقة الوسطاء على أن ”ملية التجميع في معسكرات، والتجريد من السلاح، والتسريح، وإعادة الاندماج والإدماج تتم بالتزامن مع جمع المقاتلين على حسب جدول زمني تضعه اللجنة الوطنية لهذا الغرض، وهذه العملية ستتم في مدة زمنية أقصاها سنة ابتداء من توقيع الاتفاق، ويجب أن تسمح إما بالاندماج في الهيئات المكونة للدولة بما في ذلك القوات المسلحة والأمن، وإما بإدماجهم في الحياة المدنية في إطار برامج تنموية مختارة”. غير أن الطرف الأزوادي رد بالنص ”إن برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج والاندماج يعني فقط مقاتلي أزواد الذين لا يندمجون في قوات الدفاع والأمن الأزوادية”. وفي مجال الجيش والأمن تدعو وثيقة الوسطاء إلى القيام بإصلاحات تضمن قيام مؤسسة عسكرية على أسس مهنية وتمثيلية تراعي التنوع الوطني، ويقترح الوسطاء إنشاء شرطة تخضع لسلطة المجالس الإقليمية في إطار سلطتهم الشرطية، فيما ستحافظ الدولة على قوات أمنية داخلية خاصة بها (الحرس الوطني، الدرك، الشرطة). وفي مقابل العرض السابق تطرح وثيقة منسقية الحركات الأزوادية رؤيتها الخاصة المتناغمة مع مقاربتها المتشبثة بالكيان الفيدرالي؛ ففي مجال الأمن تقول: ”وسيتم إنشاء هذه الأجهزة الخاصة للأمن الداخلي لأزواد تحت سلطة أزواد ضمن إطار اختصاصاتها، وسيتم تحديد طبيعتها، وأعدادها، ومهامها، وتشكيلاتها، وإمكانياتها من قبل سلطات أزواد مع الامتثال الصارم لاختصاصات دولة أزواد الاتحادية”. واستؤنفت الجولة الثالثة من الحوار المالي الشامل (الجزائر 3) شهر نوفمبر الماضي، على أن يتم استئناف الجولة الرابعة الشهر المقبل. وخلال الجولة قدمت الوساطة للأطراف وثيقة تفاوض تضم عناصر اتفاق سلام كحل وسط مبتكر مقارنة مع كل ما تم التفاوض بشأنه سابقا، حيث تم إعدادها استنادا إلى المقترحات التي قدمتها الأطراف خلال مرحلة المفاوضات التي جرت في شهر سبتمبر الماضي في إطار مجموعات التفاوض الموضوعاتية الأربع المتعلقة بالمسائل السياسية والمؤسساتية والدفاع والأمن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمصالحة والعدالة والشؤون الإنسانية. وتأخذ الوثيقة بعين الاعتبار التوصيات التي عبر عنها المجتمع المدني وكذا ممثلو الجماعات بمالي في سبتمبر الماضي. وخلال شهر جويلية الماضي تم التوقيع على وثيقتين تتضمنان ”خارطة الطريق” و”إعلان وقف الاقتتال إثر المرحلة الأولى من المفاوضات قصد تهيئة الشروط الضرورية لبروز حل شامل ومتفق عليه لمشكل مناطق شمال مالي”. وتشكل الوثيقتان قاعدة متينة لأرضية التفاهم الأولية الرامية إلى إيجاد حل نهائي للأزمة في مالي و”إعلان الجزائر” الذي ألزم الأطراف المالية بالسعي إلى تعزيز ديناميكية التهدئة وخوض الحوار المالي الشامل في إطار احترام الوحدة الترابية لمالي. ويتعلق الأمر علاوة على ممثلي الحكومة المالية بالحركات الست الموقعة على الوثيقتين وهي الحركة العربية للأزواد والتنسيقية من أجل شعب الأزواد وتنسيقية الحركات والجبهات القومية للمقاومة والحركة الوطنية لتحرير الأزواد والمجلس الأعلى لتوحيد الأزواد والحركة العربية للأزواد (المنشقة).