فجعت السينما الجزائرية، بل الشعب الجزائري بخبر وفاة الممثل القدير سيد علي كويرات، أحد أبرز الوجوه الفنية المسرحية والسينمائية، عن عمر ناهز 82 عاما، إثر مرض عضال أدخله المستشفى الشهر الماضي، حيث أجريت له عدة عمليات جراحية، قبل أن يلفظ آخر أنفاسه مساء الأحد بمستشفى عين النعجة العسكري. يعد الراحل سيد علي كويرات الذي يميل إلى سينما الحركة، من كبار الممثلين السينمائيين الجزائريين، وأحد أبرز الوجوه الفنية بجزائر ما بعد الاستقلال، لقب بأسد الشاشة، ويقال أنه عميد الممثلين الجزائريين، اشتهر بعبارة ”يا علي موت واقف”، لتبقى راسخة في أذهان الملايين من الجزائريين عشاق الفن الأصيل، لديه ولع للفن والشغل السينمائي، عمل لعقود باحترافية وجد، ما جعل منه شخصية فنية جزائرية لا يمكن الاستغناء عنها في حديثنا عن تاريخ السينما الجزائرية، خاصة الحديثة والتي أصبح فيها قطبا من أطابها. أعمال خالدة حفرت اسمه بحروف من ذهب في سجل العظماء ترك فقيد الفن الجزائري المولود بتاريخ 7 سبتمبر 1933 بالعاصمة، بصماته في عالم السينما والمسرح منذ الاستقلال، من خلال مشاركته في العديد من الأعمال العظيمة على غرار، ”الأفيون والعصا” وفيلم ”هروب حسان طيرو” ومسلسل ”آسيا” للمخرج السي مصطفى، والذي كان أول مسلسل ينتجه التلفزيون الجزائري، و”وقائع سنوات الجمر” للمخرج محمد الأخضر حامينة، وهو الفيلم الذي فاز بالسعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي الدولي عام 1975، كما شارك كويرات في الفيلم المصري ”عودة الابن الضال” مع المخرج يوسف شاهين، وفيلم ”الأقدار الدامية” للمخرج خيري بشارة، وكان آخر ظهور له في السينما المصرية في فيلم ”المهاجر” مع يوسف شاهين، وغيرها من الأعمال الخالدة التي كتبت اسمه من ذهب في سجل أكبر المبدعين الجزائريين والعرب، إضافة إلى مسلسل ”رامدام” الفرنسي، والذي شارك في إخراجه العديد من المخرجين السينمائيين الفرنسيين الكبار. وشارك كويرات في السنوات الأخيرة بالعديد من الأعمال السينمائية، والتي جاءت على شكل أدوار ثانوية، على غرار، مسلسل ”اللاعب” سنة 2004 مع الممثل محمد عجايمي وفيلم ”الأجنحة المنكسرة” سنة 2009، وكذا مشاركته في سيت كوم ”ناس ملاح سيتي”. بداياته المسرحية والسينمائية كانت مع كبار الفن الجزائري بداياته في التمثيل كانت مع المخرج ”مصطفى كاتب” و”محي الدين بشطارزي” وبوعلام رايس وبودية وطاهر لعميري والهادي رجب ومحمد صواغ وموسى حداد وعلولة في مسرحية ”الدهاليز”، حيث كان بين كبار ثوار الفرقة الفنية الجزائرية التي جابت العالم، واختار كويرات بعد استقلال الجزائر، أن يخلد أبطال الثورة الجزائرية عبر سلسلة من الأعمال السينمائية التي نوهت بمآثر وعظمة الشخصية الجزائرية المقاومة للاحتلال الفرنسي. مثل إلى جانب رويشد ولابرانتي وفتيحة بربار وآخرين... ويحوز سيد علي كويرات على سجل فني ثري، بحيث مثل على خشبة المسرح الجزائري، وكذا بشاشة التلفزيون، مع العديد من الممثلين الكبار، الجزائريين والأجانب، نذكر من بينهم الفنان رويشد والذي مثل معه كثيرا وكان آخر عمل جمعهما هو فيلم ”بوشوشي”، وأيضا مع فتيحة بربار وصونيا ويحيى بن مبروك المعروف ب”لابرانتي”، وكذا الحاج عمر ومحمد واعلي وعمر دلهوم والفنانة مليكة زوجة الفقيد التي تعرف عليها على خشبة المسرح في العمل المسرحي لرواية ”المجرم”، كما مثل إلى جانب ممثلين عرب أمثال محمود المليغي وماجدة الرومي وعلي الشريف وشكري سحام ونادية لطفي. جوائز عديدة أبرزها السعفة الذهبية لمهرجان كان تحصل خلال مسيرته الفنية كممثل، على العديد من الجوائز القيمة، كجائزة ”الفنك الذهبي” لأحسن أداء رجالي، وفي سنة 2005 توج بمهرجان السينما الإفريقية لواڤادوڤو بجائزة أحسن ممثل لدوره في فيلم ”المشكوك فيهم” لكمال دهان، وهي قصة مقتبسة من رواية للأديب طاهر جاووت، إضافة إلى بطولته في فيلم ”وقائع سنوات الجمر” للمخرج الأخضر حامينة الذي حاز على جائزة السعفة الذهبية، والتي تعد إلى يومنا التتويج العربي الوحيد بمهرجان كان الدولي. حمزة بلحي
العائلة الفنية تبكي أسد الشاشة فقد الوسط السينمائي والمسرحي الجزائري أحد أكبر وأهم رموزه برحيل أسد الشاشة الجزائرية، وأحد أعمدة الفن السابع والذي كرس حياته للثقافة الجزائرية منذ أكثر من 60 سنة، وفي تصريحات متنوعة، تحدث الفنانون ورفقاء درب الفقيد عن مساره الغني بالمحطات الحافلة المشرفة للفن الجزائري والعربي. الممثل عبد النور شلوش: ”كان الفقيد قامة فنية وأحد رموز النضال، منذ بداية التحاقه بفرقة جبهة التحرير الوطني في تونس عن طواعية، إضافة إلى موهبته الفذة وكفاءته العلية وكبريائه الشديد”. المخرج بشير درايس منتج آخر أعماله: ”وفاة سيد علي كويرات هي بمثابة فقدان آخر المشاهير الكبار في السينما الجزائرية، حيث كان الفقيد نجما بلا مثيل في الفن السابع الجزائري خلال الخمسين سنة الأخيرة، من خلال الاحترافية الكبيرة وروح الشباب التي تمتع بها رغم تقدم عمره”. المخرج أحمد راشدي: ”الراحل تمنى دائما تتمة لفيلم ”العفيون والعصا” الذي عمل فيه مطولا”. مدير المسرح الوطني الجزائري محمد يحياوي: ”رحيل كويرات خسارة كبيرة للسينما والمسرح الجزائري اللذين فقدا فنانا كبيرا بكاريزما وموهبة لا نظير لها”. المخرج غوتي بن ددوش رفيق درب الفقيد: ”آسف لفقدان هذا الفنان الكامل ذي الحساسية الكبيرة والذي منح كل حياته للثقافة الجزائرية”. المخرج حاج رحيم: ”كان الفنان شهما وصاحب خصال إنسانية متميزة، عاشق الجزائر الذي يمكنه العمل في كل أساليب التمثيل”. المخرج السينمائي موسى حداد: ”أعرف كويرات كونه ممثلا كبيرا في المسرح، أعد من عشاقه كممثل، متعنا في أفلام عديدة، ولديه ميزة توضيح الأشياء للمشاهدين، خاصة أنه يعبر بطريقة جيدة عن الثقافة”. الممثلة الراحلة فتيحة بربار (في مناسبة قبل وفاتها): ”كويرات شخص متواضع ومحترف، هو متميز في الفنين، المسرح والسينما، وخاصة السينما التي احتضنته بصدر رحب”. الفنانة صونيا: ”هو فنان وحش على خشبة المسرح، والكل يعرف مساره الفني المتميز”. ح. بلحي
بوتفليقة ونادية لعبيدي يرثيان الفقيد ويشيدان بمساره الفني أرسل رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، برقية تعزية لأسرة الفقيد والأسرة الفنية، أكد من خلالها أن الساحة الفنية، وبرحيل كويرات تفقد أحد أيقوناتها، معتبرا أنه من طينة الكبار الذين ارتبط اسمهم بروائع الأعمال في السينما والمسرح والتلفزيون، كما عدد بوتفليقة مناقب الراحل الذي قال بأنه من أبرز الوجوه التي صنعت السينما الجزائرية، فأرخوا بذلك لثورة أول نوفمبر المجيدة بمشاهد سينمائية تحفظ الذاكرة الجماعية، واصفا إياه بالمدرسة التي تعلمت منها أجيال بأدائه وأخلاقه المتميزة. ومن جهتها، أشادت وزيرة الثقافة نادية لعبيدي بالمسار الفني الحافل وبنضال الممثل سيد علي كويرات، واصفة إياه ب”الممثل القدير والمتميز”. وأكدت لعبيدي في برقية تعزية أنه ”برحيل الممثل سيد علي كويرات تكون الساحة الفنية قد فقدت أحد عمداء السينما والمسرح في الجزائر”، مضيفة أن المرحوم تألق في أعمال عديدة من خلال أدائه أدوارا تروي أحداث ثورة نوفمبر المجيدة، وغيرها من الأعمال التي ستخلد اسمه.