حذرت وكالة كوفاس الفرنسية من تراجع الأوضاع المالية في الجزائر، نتيجة انخفاض إيرادات الخزينة العمومية من صادرات المحروقات وارتفاع كلفة واردات السلع والمواد الغذائية، حيث صنفتها في خانة ”إيه بي” للأخطار الاقتصادية، وعليه توقعت الوكالة الفرنسية أن يسجل النمو الاقتصادي في الجزائر خلال 2016 ”تباطؤاً واضحاً”. وأشارت وكالة كوفاس، في تقرير صدر أمس، إلى أن ”تراجع الأوضاع المالية في الجزائر ارتفع بنحو 10 في المائة في النصف الأول من السنة، نتيجة انخفاض إيرادات الدولة من الطاقة واستمرار كلفة الواردات من مواد التجهيز والسلع الغذائية”. وعليه توقعت أن يسجل النمو الاقتصادي في الجزائر ”تباطؤاً واضحاً نظراً إلى الاعتماد على عائدات الطاقة التي ستتراجع تحت تأثير تدني الأسعار الدولية وحجم الصادرات من الغاز”. ورجحت أن ”يرتفع عجز الحساب الجاري إلى 15.7 في المائة، والمديونية العامة إلى 13.6، فيما يقترب عجز الموازنة العامة من 13 في المائة من الناتج الإجمالي نهاية هذه السنة”. وتشكّل عائدات الغاز 36 في المائة من الناتج الإجمالي و97 في المائة من الموارد الخارجية، ما يضغط على موارد ”صندوق ضبط الإيرادات” الذي يختزن الاحتياط السيادي للنقد الأجنبي. وكان الاحتياط يغطي واردات السلع والخدمات مطلع السنة وعلى مدى يزيد عن سنتين، قبل تراجع الإيرادات بنسبة 23.7 في المائة، وفق ما نقله التقرير الفرنسي. ولاحظت الوكالة ”ازدياد الأخطار السيادية في الجزائر مع تدني المداخيل وارتفاع النفقات، في مقابل الزيادة في عدد العاطلين من العمل الشباب واستمرار البيروقراطية الإدارية وتراجع مناخ الأعمال، فضلاً عن اقتصاد الريع النفطي ومرض الرئيس”. وتستعد الجزائر لاقتراض 20 مليار دولار ورفع الضرائب، وتقليص الدعم لخفض العجز، وفقاً لمسودة مشروع الموازنة الجديدة، حسب التقرير. وفي ذات الصدد أبقت ”وكالة كوفاس” الفرنسية تصنيف الأخطار السيادية لاقتصادات شمال إفريقيا على درجة ”مستقر”، وتراوحت بين ”إيه 4 ل” للمغرب و ”إيه بي” للجزائر، و”بي بي” لتونس و”بي سي” لمصر و”دي دي” لليبيا. وأشارت الوكالة الفرنسية لضمان الصادرات إلى ”تفاؤل حذر بمستقبل المنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر”، التي انطلق منها الحراك الاجتماعي العربي. وتشمل التصنيفات أخطار تمويل التجارة العالمية ومناخ الأعمال والمديونية الخارجية والاحتياط النقدي والعجز المالي. وأفادت الوكالة أن الأوضاع الاقتصادية ”تعرف تفاوتاً في حجم الأخطار ونسب النمو والعجز المالي”. وفي حين تتحسن الأوضاع في الدول المستوردة للطاقة مثل المغرب وتونس ومصر، ”ستتفاقم في الدول المصدرة للنفط والغاز، خصوصاً الجزائر وليبيا، بسبب استمرار تراجع العائدات الخارجية وكلفة نفقات دعم أسعار التجزئة، إضافة إلى الأوضاع الداخلية غير المساعدة”. وفي تونس، تتحسّن الأوضاع الاقتصادية ببطء بعد فترة حرجة تلت الاعتداءات الإرهابية على مواقع ثقافية وسياحية، في بلد يعتمد على السياحة لاستقطاب العملة الأجنبية. وساعد الإنتاج الزراعي وتراجع أسعار الطاقة واستمرار الطلب الداخلي في لجم العجز المالي، الذي بلغ 6.2 في المئة في الموازنة و6.4 في المئة في الحساب الجاري، فيما ارتفع الدَين العام إلى 55 في المئة من الناتج الإجمالي. ويستعد صندوق النقد الدولي للمصادقة على خط ائتماني جديد ب1.7 بليون دولار قبل نهاية السنة، لمواجهة ضعف النظام المصرفي المحلي الذي يشهد نقصاً في السيولة. وعن الاقتصاد المصري، لم تستبعد ”كوفاس” أن ”يواصل تعافيه العام المقبل وينمو نحو 4 في المئة هذه السنة، مستعيناً بالدعم الخارجي من دول مجلس التعاون الخليجي”. ورأت أن السياحة الدولية في مصر ”تستعيد مكانتها، في وقت تحسن وضع القطاع الصناعي وزادت إيرادات قناة السويس والاستثمارات الخاصة. كما توسعت الاستثمارات العامة وتحسّن الطلب الداخلي على الاستهلاك”. وأفضت كل هذه العوامل إلى أن ”يستعيد الاقتصاد المصري نشاطه بعد فترة تأزم”. لكن سيظل لفترة تحت ضغط عجز الحساب الخارجي، بسبب ارتفاع الواردات من المواد الغذائية، على رغم استفادة القاهرة من تراخي أسعار النفط الدولية”. وتُعتبر ليبيا الرجل المريض في شمال أفريقيا بسبب ”أوضاعها الأمنية المتردية”، ويتوقع أن يزيد عجز الموازنة عن 30 في المائة من الناتج الإجمالي، ويقترب عجز الحساب الجاري للمدفوعات من 21 في المئة، نتيجة النقص في إيرادات النفط التي تمثل 70 في المئة من الناتج المقدر بنحو 50 بليون دولار، في بلد يقل سكانه عن سبعة ملايين. وتُقدر صادرات ليبيا بنحو 700 ألف برميل يومياً، لكن غياب الأمن والحوكمة يفقدان الاقتصاد كل مقوماته، على رغم مخزون الاحتياط من الغاز والنفط المقدّر بين 76 إلى 94 سنة. ويقدّر حجم الناتج الإجمالي في الدول الخمس بنحو 723 بليون دولار، وبكثافة سكانية تصل إلى 174 مليون شخص عام 2014، أي ثلث سكان الاتحاد الأوروبي.