مازال عدد هؤلاء الأطفال الذين يعانون من المرض النادر ”فينيل فيتونوفي” غير معروف إلى الآن، ولما كان هذا الداء يحتم على المصابين به تناول نوع خاص من الحليب المعلب النادر الوجود في الجزائر، والذي إن وجد فهو باهظ الثمن، حيث يتجاوز المليون ونصف سنتيم للعلبة الواحدة، ما يجعل الأولياء يعانون في صمت مشقة توفير هذه المادة الأساسية لحياة فلذات أكبادهم. تعاني فئة من الأطفال من ”فينيل فيتونوفي”، ذلك المرض الذي يندرج ضمن قائمة الأمراض النادرة أو اليتيمة، والذي يتمثل في اعتمادهم الكلي على مادة أساسية واحدة تتمثل في حليب معلب يباع في صيدليات عددها لا يكاد يحصى على أصابع اليد الواحدة على المستوى الوطني. فالامتناع عن تناول أي مادة غذائية أخرى يجعل المريض مرتبطا ارتباطا وثيقا بهذا الحليب، الذي يحتم على الأولياء البحث عنها ومن ثم تحصيل ثمنها الباهظ الذي يفوق المليون ونصف سنتيم للعلبة الواحدة التي لا تدوم سوى 15 يوما كحد أقصى، الأمر الذي يثقل كاهلهم ويضاعف من معاناة المرضى. أولياء يعانون الأمرين.. تتوقف حياة صغار أبرياء على علبة حليب مستوردة نادرة جدا، تعجز السلطات المختصة عن توفير الكميات الكافية منها، ما يجعل الأولياء يعانون بمفردهم. ولرصد هذه المعاناة كان لنا لقاء ببعض هؤلاء الآباء والأمهات الذين يسعون بكل جهد لتوفير هذه المادة الأساسية. وفي سياق متصل تقول سميرة، التي يعاني ابنها البالغ من العمر 4 سنوات من هذا المرض النادر، أن شغلها الشاغل هو توفير هذه المادة باستمرار حتى لا تقع في العجز الذي تصنعه ندرة استيراد هذا الحليب ونقص توزيعه على الصيدليات، مضيفة أن عدم إدراج المرض الذي يعاني منه ابنها وغيره ضمن قائمة الأمراض المزمنة، يزيد من معاناة هذه الفئة التي تثقل المصاريف كاهلها. من جهتها تقول فريدة، التي تعاني ابنتها كذلك من هذا الداء، أنها باتت تقف عاجزة أمام هذا الوضع، لاسيما أنها من ذوات الدخل المحدود. وتضيف محدثتنا أنها طالما لجأت لطلب المساعدة من الأقارب والمعارف لتكمل ثمن علبة الحليب، منوهة أنها تستنكر الغياب التام للدولة بشأن التكفل بهذه الحالات المرضية، ولو بتوفير الحليب بكميات كافية. .. والسلطات لا تتحمل مسؤوليتها وفي سياق متصل، شددت رئيسة جمعية الأمراض النادرة فائزة مداد، على أنه بات من الصعب التعايش مع طفل مصاب بهذا المرض في الجزائر، فندرة هذه المادة وسعرها الباهظ جدا إن وُجدت يشق على العائلات البسيطة التي تعجز عن توفير هذا المبلغ المتمثل في 15 ألف دج، رافعة في هذا الصدد نداء إلى السلطات المختصة مناشدة إياها تخفيف عناء هذه الفئة المهمشة، والتي تعاني في صمت قاهر، يجعل الأولياء وحيدين في وجه هذا المشكل. وفي ظل غياب أرقام وإحصائيات رسمية تكشف طبيعة الواقع المعاش، يستمر هؤلاء المرضى في مجابهة المشاكل لوحدهم. ومن جهته أكد الدكتور أحمد بوجمعة، المختص في طب الأطفال، أن المصابين بهذا المرض النادر يتطلبون نظاما غذائيا خاصا يحتم عليه تناول نوع واحد من الحليب المعلب وبعض العجائن الخاصة، والتي تعتبر أغلى ثمنا من الحليب في حد ذاته، مشيرا إلى أن ندرة هذا الحليب في الجزائر، تشكل عجزا حقيقيا في هذا المجال تتحمله الدولة المسؤولة أساسا عن رفع الغبن عن هذه الفئة.