لم يكن مفاجئا أن تغتال إسرائيل المناضل اللبناني سمير القنطار; فهو الذي وهب شبابه; بل حياته من أجل القضية الفلسطينية; بل من أجل القضايا العربية. هذا الرجل الذي أكلت لحمه السجون الإسرائيلية مدة أزيد من 30 سنة وكان مدرجا على لائحة التصفيات الإسرائيلية منذ خروجه من السجن منذ ست سنوات. القنطار هو شي غيفارا العرب; رجل نذر عمره لمحاربة إسرائيل المزروعة في الجسد العربي; ولم تثنه السنوات الطوال التي قضاها في سجون العدو الإسرائيلي على مواصلته رسالته; فكان لابد من مواجهة إسرائيل ومشروع الخراب الذي يستهدف المنطقة في أرض سوريا; ليقاتل نفس العدو الذي اتخذ أوجها وألوانا متعددة. من الطبيعي أن ترحب إسرائيل باغتياله فهو أحد مناضلي حزب الله الذي أذاقها المر; سواء في جنوبلبنان أو في الجولان السوري; حيث قاد ضدها العديد من العمليات; حتى وإن لم تعترف صراحة بأن أحد مقاتلاتها هي التي استهدفت القنطار ومجموعة من رجاله; لأن مجرد الاعتراف يعني أنها فتحت على نفسها باب جهنم وأن ردة فعل حزب الله لن تتأخر طويلا. لكن الذي لا يجب أن يغيب عن الأذهان; وعن المعارضة السورية التي تدعي الكفاح من أجل سوريا ديمقراطية; هي أن إسرائيل صارت طرفا في الحرب على النظام السوري; وقد استباحت مرة أخرى الأراضي السورية المفتوحة على الخراب; لتزيد من تعميق المشكلة تزامنا مع بحث حل أممي للأزمة السورية. كم الأزمة السورية بحاجة لأمثال سمير القنطار وأمثال نصر الله; وأمثال أوفياء الجيش السوري; الذين رغم مذابح داعش مازالوا يقاومون جيوشا من المرتزقة وهم يعرفون أنها ليست قضية صراع على الحكم; ولا قضية ديمقراطية; وإنما قضية مصير أمم؟ كم منهم هؤلاء الذين رفعوا لواء الدفاع عن سوريا الدولة; وليس سوريا بشار مثلما يروج الإعلام العربي المتصهين؟ يأتي مقتل القنطار; والمملكة تعد العدة بأوامر من أمريكا لجمع تحالف إسلامي (سني) لمحاربة ما سمته بالإرهاب في الظاهر; لكنه في الحقيقة محاولة متسترة للهروب من هزيمتها في اليمن على يد المعارضة اليمنية; والبحث عن طريقة للتدخل جهارا نهارا في الأزمة السورية; التي كان دورها فيها يقتصر هي ودول خليجية أخرى على تمويل وتسليح المعارضة; ولن أقول المعارضة المعتدلة مثلما يدعون; لأن الأحداث أثبتت أنه ليس هناك أي اعتدال لدى جبهة النصرة التي لا تقل جرما عن داعش. المصيبة أن مقتل سمير القنطار اللبناني الذي دفع شبابه في السجون الإسرائيلية دفاعا عن القضية الفلسطينية; تزامن مع إعلان المملكة مشاركة فلسطين في التحالف الذي تقوده للحرب التي تزعم أنها ستقودها على الإرهاب; دون تحديد المجال الذي ستلاحق الإرهابيين به; وتزامن أيضا مع إلقاء القبض على فلسطيني مسيحي يقاتل السوريين في صفوف داعش؟ أمر يدعو للضحك حد البكاء; ومرة أخرى تتضح الرؤية أكثر; وتتوضح معالم اللعبة; إذ كيف يهون على فلسطيني بلده محتل وشعبه محاصر وأرضه مغتصبة; أن يترك الجهاد ضد إسرائيل التي هي قضيته الأولى; ليقاتل السوريين على أرضهم; باسم الإسلام وهو مسيحي يعلق الصليب؟! اللعبة واضحة ومكشوفة; ومع ذلك مازال هناك من يتعامى ويصر على موقفه; وعلى أولوية إسقاط بشار وتدمير سوريا. سوريا تدفع اليوم ثمن دعمها للمقاومة الفلسطينية ولحماس; نفس حماس الآن التي يحارب عناصرها الجيش السوري; ويحجون عند أردوغان الذي وقع أمس اتفاقيات مع إسرائيل؟!