المتباكون على غزة الصائفة الماضية وما قبلها، خرجوا أمس مصفقين ومباركين للغارة التي شنتها طائرة إسرائيلية من دون طيار على فرقة لحزب الله قرب الجولان بسوريا أمس، وقتلت ستة من كوادرها وجنرال من الحرس الثوري الإيراني، كانوا يساعدون سوريا في حربها ضد الإرهاب، وضد النصرة وداعش وضد العدوان المتعدد الجنسيات الذي يستهدف هذا البلد منذ أربع سنوات، تحت مسمى دعم ”المعارضة” السورية ضد نظام بشار الأسد. لست هنا لأبرر تواجد عناصر من حزب الله لدعم الجيش السوري في حربه على مقاتلين من 70 جنسية دمروا سوريا والبنية التحتية السورية، وشردوا الملايين من أهلها عبر بلدان العالم. فهذا نقاش تجاوزه الزمن، فمن حق الجيش السوري أن يستعين بحزب الله أو بالحرس الثوري الإيراني ضد هذا العدوان الذي يستهدف سوريا المقاومة والمعادية لإسرائيل، مثلما استعانت المعارضة بمقاتلين من جنسيات متعددة سواء باسم دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، أو باسم إشاعة الفوضى في المنطقة وإضعاف سوريا والبلدان الأخرى تحضيرا للمشروع الأمريكي الذي يهدف إلى تشتيت المنطقة إلى مقاطعات تابعة للغرب وإضعافها عسكريا واقتصاديا حتى يختفي كل تهديد لإسرائيل. الفرحة والتهليل الإعلامي والمباركة لضربة إسرائيل ضد حزب الله، ذكرتني بصائفة 2006، عندما وقف اللبنانيون والخليجيون وغيرهم ضد حزب الله في الحرب التي قادها بمفرده ضد إسرائيل، ففي الوقت الذي كان جنود حزب الله وسكان الضاحية والجنوب يبادون تحت الغارات الإسرائيلية، كان أعداء حزب الله في لبنان يصفقون لكل غارة وينتظرون أن تقضي إسرائيل على قوته وتدمر قدراته العسكرية، لا لشيء إلا لأنه صديق لسوريا وخصم عنيد لخونة الداخل في لبنان، ولم يشفع لهذا التنظيم أنه حرر الجنوب وتمكن من تحرير الرهائن اللبنانيين من خلال مقاومة طويلة ومريرة مع إسرائيل. حسن نصر الله قالها صراحة إن هناك تعاونا لوجيستيا وعسكريا مع الجيش السوري، وهناك مساعدة إيرانية لسوريا في حربها المريرة ضد أعداء الداخل والخارج، بعد أن تبين أن هناك أهدافا للجيش الإسرائيلي لمصلحة المعارضة السورية. وكشف أن هناك مشروع شريط حدودي جديد في المنطقة. فهل يشرف العرب والمسلمين بل هل يشرف المعارضة السورية مهما كانت مشروعية بعض مطالبها أن تتخندق في نفس الخندق الإسرائيلي، فليست المرة الأولى التي تهاجم فيها إسرائيل أهدافا عسكرية سورية منذ الأزمة السورية، فلم يعد يخفى على أحد أن المعارضة السورية مستعدة للتحالف مع الشيطان من أجل إسقاط بشار حتى لو أدى ذلك إلى تدمير بلدهم وتسوية بنيتها التحتية بالأرض، وهو نفس الهدف الذي تلتقي فيه مع إسرائيل التي كان دائما هدفها تدمير القوة العسكرية والاقتصادية لسوريا لإبعاد كل تهديد محتمل. لم تخف إسرائيل أبدا هذا الهدف، حتى أن مسؤولا من جيشها صرح السنة الماضية بأن ميزانية جيشها انخفضت منذ انشغال بلدان الجوار بمشاكلها الداخلية، وقال إن أمام إسرائيل قرابة الخمسين سنة من الاستقرار. كما أن وسائل إعلامها لم تخف هي الأخرى استقبال مستشفياتها للمصابين من المعارضة السورية بمن فيهم عناصر من جبهة النصرة، وحتى داعش التي تدعي أمريكا والغرب شن حرب عليها لإضعافها. ومرة أخرى يتضح المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، ومرة أخرى تفوّت المعارضة السورية المدعومة من أمريكا وحلفائها ومن قطر والسعودية الفرصة للتصدي للعدو الحقيقي لبلادهم، العدو الأكثر شراسة من نظام بشار، وهو المشروع الصهيوني. ومرة أخرى تاهت البوصلة العربية في مهب رياح الربيع العربي المزعوم!؟